ملخص الجهاز:
"و لا یترک الشاعر هذا التضاد اللونی و الزمانی بین اللیل و النهار و هو یرسم أجواء لیلة تکاد تنقضی بظهور الصبح من دون أن یبتکر لها أکثر من صورة،فیصور زحف الضیاء لیغمر مناطق الظلمة،إذ یصول علی جیش الظلام و یحتل مواقعه،فی حرکة استعاریة یجسد من خلالها مفردات هذه الظاهرة الطبیعیة،و ینتقل بعدها الی وصف عملیة انغمار المساحة المظلمة من جهة الشرق بالنور الذی یحرم هذه المنطقة من الحلی التی یشیر الی النجوم،و نلمس فی هذه الصورة تحولا فی التعبیر الی استعارة تشخیصید لصورتی المشرق و المغرب،إذ یحرم المشرق من الحلی-النجوم و الشهب-بینما یحتفظ المغرب بها لعدم وصول الضوء الیه بعد،و فی ختام رسمه لهذه الأجواء یوصد باب الاستعارة بتشبیه النجوم التی بدت قلیلة العدد خافتة الضیاء بـ(لآلئ لم ینتظمها سلک محکم الضبط)و بعد رسم هذه الأجواء یعود الی الطیف الذی رافق هذه الظواهر کلها و کانت محیطة به، فیقول(فألبسنی ثوب التوصل ضافیا)إذ یلجأ الشاعر الی التعلق بالطیف بعد أن افتقد الوجود الحقیقی لصاحبته مع ما یرافق هذا التعلق من فعل تواصل خیالی لا وجود له إلا فی مخیلة العاشق،إذ یقول: فأوردنی من ثغره العذب کوثرا هو الری لا یظما إی الماء ذائقه فختم صورته الاستعاریة بأحلام طالما تمنی حدوثها فی الحقیقة مستغلا عالم التصویر الاستعاری فی الوصول الی مبتغاه من صاحبته، و یقول فی صورة أخری: بقلبی من ذکر الحبیب ندوب تبید اللیالی و النزوع یثوب فیا أیها البدر الذی لیس طالعا ببذل الرضا هل للصدود غروب عساک تداوی القلبمن لذعة الجوی و یعتق من رق الغرام منیب صوادح آمالی علیک وقوعها و غصن الوفا لدن المهز رطیب57 لقد جعل الشاعر الصورة(یا أیها البدر)فی البیت الثانی،أشبه بالنواة التی تدور حولها صور القصیدة،فلم تعد جزئیة محصورة فی شطر بیت واحد و إنما لها امتداد یتجاور الی النص کله فتنامی الصورة فی الأبیات و ارتباطها مع بعضها نابع من رؤیة متنامیة للشاعر مع فکرة و تجربة نفسیة موحدة و مستقرة،کما جاء ضمیر الخطاب(الکاف)فی(عساک-علیک)العائد علی(البدر)الذی ربط الصور الأخری بالصورة الام."