ملخص الجهاز:
فهی تصف لنا الحیاة الاجتماعیة عندهم و تترفهم فی العیش لتکاثر الاموال فی ایدیهم،و افتتان اهل بغداد و العواصم فی مرافق الحیاة،فتصور لنا میولهم و رغبتهم فی الغناء و کیف کان هواهم(رجالا و نساء)،و التفاهم بین الرجال و النساء بالشعر، و کثیرا ما رأینا هذا فی الادب العربی فی الشعر و الموسیقی و غیرهما من النون الجمیلة والآداب الرفیعة(علی حد تعبیرهم)،ثم منزلة المغنین و کیف کانوا هم اهل الحظوة عند الخلفاء و المقربین من الوزراء و رجال الدولة ثم تبین لنا انه مع اخذا الناس بأسباب الحضارة کان القوم فی المدینة و غیرها لا یزالون یحافظون علی تقالیدهم المجیدة الموروثة و لا سیما ما کان خالصا منها بالعرض و ناموس الشرف:فآداب فتیان العرب و فتیاتهم فی مجالسهم و متنزهاتهم کانت بالغة حد الکمال تسودها العفة لانها غالبة علی طباعهم،و من یقرأ وصف«العقیق»هنا و یتخیل«الجزیرة»و غیرها من متنزهاتنا یری الفرق بین اخلاقهم التی کانت سر لقدمهم و اخلاقنا التی هی سر تأخرنا.
و قد کانت المرأة العربیة فی ذلک العصر و الذی تقدمه(قبل ابتداء الحجر علیها)تجالس الرجال و تخاطبهم و تذاکرهم و العرب لا یرون ذلک منکرا و لا تخامرهم ریبة الا اذا زادت العلائق عن الحد المألوف فی عرفهم فلاکتها الالسنة و تحدث بها الناس فیمتنع اذ ذاک اهل الفتاة عن تزویجها بمن شاع فی الناس قولهم عنه و ذلک لفرط غیرتهم علی الاعراض و لانهم لا یریدون ان یحققوا بالزواج کلام الناس و اشاعاتهم:و هنا کانت تحصل المأساة تلو المأساة،فکم من غصن ذوی من الظمأ فحرقته حرارة الشباب وحده،و کم من شهید ذهب صریع حبه،و لم یرحموا شبابه محافظة علی هذه العادة العربیة التی کم هبطت بغادة حسناء الی القبر،و التی لم یعرف ان المحبین من العرب قد تخلصوا من قیودها الممیتة الا فی احوال نادرة داخل فیها الخلفاء و اصحاب السلطان و النفوذ او الجاه رحمة بأهل الحب الشریف،کما حصل فی هذه الروایة.