ملخص الجهاز:
"وعن نظریة الشیخ محمد رشید رضا یقول السنهوری فی المرجع ذاته :غنی عن البیان أن القول بأن ربا النسیئة وربا الفضل إنما نهی عنهما فی (23/126) الحدیث الشریف نهی کراهة لا نهی تحریم لا یتفق مع ما أجمعت علیه المذاهب الفقهیة ، وقد اعترض الأستاذ زکی الدین بدوی بحق علی هذا الرأی فی مقاله المنشور فی مجلة القانون والاقتصاد حیث قال : " إنه یتعذر التسلیم بقوله بعدم دخول الأصناف الستة فی الربا المحرم ؛ لأن بیع هذه الأصناف وإن کانت وسائل وذرائع إلی الربا إلا أنها وسائل وذرائع منصوصة ، ودلالة الأحادیث علیها لا تختلف فیها الأفهام ، أما قوله أن النهی عن بیع هذه الأصناف کان تورعا ؛ لإفادة أن بیعها خلاف الأولی أو للکراهة فقط لا للتحریم ، فدعوی تتعارض مع ظواهر النصوص والمأثور عن الصحابة " ، ویبدو أنه یجب الذهاب إلی مدی أبعد مما ذهب إلیه الأستاذ زکی الدین ، والقول بأن ربا النسیئة وربا الفضل لا یقتصران علی الأصناف الستة المذکورة فی الحدیث الشریف بل یجاوزانها إلی ما عداهما إلیه المذاهب الفقهیة من الأصناف الأخری ، وهذا هو الذی انعقد علیه الإجماع ، وإن کل ذلک ربا محرم لا مکروه فحسب ، وننتهی الآن إلی مناقشة نظریة أستاذنا السنهوری فنقول :إذا کان الأستاذ السنهوری معذورا من جهة أنه حرر نظریته والواقع المعاش فی ذلک الوقت أنه لا یوجد تطبیق مصرفی عملی إلا محکوما بأحد النظامین ؛ النظام اللاربوی الشیوعی والنظام الربوی الرأسمالی ؛ فإن الوضع الآن قد تغیر ووجدت تطبیقات عملیة وتجارب معاشة لنظام مصرفی لیس ربویا ولا شیوعیا هذا من ناحیة ، أما من الناحیة الأخری فإن الحاجة حینما تعتبر مثل هذا الاعتبار فی بعض الأحکام إنما یقصد بها الحاجة التی تفرض علی الإنسان من الخارج ولا یستطیع دفعها ، أما أن یکون فی إمکان الإنسان دفع الحاجة ، ثم لا ینشط لذلک فلا یجوز اعتبارها فی هذه الحال وواضح بعد تغیر الظروف ونجاح التطبیقات للنظام المصرفی غیر الربوی أن فی إمکان أی دولة إسلامیة أن تحول نظامها المحلی - علی الأقل - إلی نظام لا ربوی لو أرادت ذلک ."