ملخص الجهاز:
"دعونا نقرأ أخیرا ما ختم به باتریک بوکانان مقالته المستفیضة حول الوقائع الدراماتیکیة التی جعلت الإدارة الأمیرکیة فی عهد بوش الإبن تؤول من آخرها إلی الزاویة الیهودیة الحادة: «إن الرئیس بوش تحت الإنذار، فإذا مارس الضغط علی إسرائیل لمبادلة الأرض بالسلام، وهی معادلة أوسلو التی وضعها أبوه وإسحاق رابین، فسوف یتهم بمعاداة السامیة، کما کانت حال أبیه، کما باتباع أسلوب میونیخ، وذلک من قبل الإسرائیلیین ومعهم المحافظون الجدد الذین یقیمون داخل خیمته.
ثم یصل بوکانان إلی أنه علی الرغم من أننا کررنا مرارا تقدیر الکثیر مما حققه هذا الرئیس، فإنه لن یستحق إعادة انتخابه إذا لم یتخلص من عبء المحافظین الجدد، وبرنامجهم المتضمن لحروب لا تنتهی علی العالم الإسلامی، وهو الأمر الذی لا یخدم إلا مصالح دولة هی غیر الدولة التی کان انتخب للحفاظ علی مصالحها( 175 ).
وهذا المذهب المستقرأ هو الذی یفترض به أنه یملی السلوکات الإجمالیة وفاقا لفرضیة العقلانیة الأداتیة الذرائعیة (Insrumental Rationality)، واستنادا إلی مقومات هذا المذهب، یصبح واجبا معاینة هذه الوضعیة بدقة، والنظر فیما إذا کان مذهبا کهذا یمکن له أن یحکم السیاسة الأمیرکیة إزاء إسرائیل، وبالتالی یتفق أو لا یتفق، بالکامل أو بصورة جزئیة مع الخطاب الرسمی أو المقالات الرسمیة العدیدة.
وإذا کان کمیل منصور قد ذهب علی ما یصرح إلی أن المرجعیة الثقافیة هی الرحم التی تتحدد فیها السیاسیة الأمیرکیة، یفترض بالمقابل أن تنشأ اعتبارات تضطر أمیرکا معها إلی تولی المصلحة الإسرائیلیة مباشرة ومن دون الرجوع إلی حساب الأمن الإسرائیلی الداخل، الأمر الذی حصل فی أثناء حرب الخلیج الثانیة، حیث حجبت الولایات المتحدة عن إسرائیل فرصة القیام بالدفاع عن أمنها الذاتی؛ لأن الاستراتیجیة الأمیرکیة العلیا آنذاک اقتضت مثل هذا الحجب( 179 )."