ملخص الجهاز:
"و فی اعتقادنا،فإن تحمیل حادث الانفصال عام 1961 هذه الدلالات و التبعات کلها أمر یستحق المراجعة علی ضوء أن الساحة العربیة شهدت بعد الانفصال السوری-المصری عدة موجات من المد الوحدوی و انتعاش الروح القومیة علی مستویات مختلفة ظهرت ملامح بعضها فی الاجماع العربی علی رفض الهزیمة(مؤتمر الخرطوم 1968)،و فی التضامن العربی بمختلف أبعاده العسکریة و الاقتصادیة (حرب تشرین الأول/اکتوبر 1973)،إضافة إلی بعض التجارب الوحدویة متعددة الأطراف(کمجلس التعاون الخلیجی و الوحدة الیمنیة).
و من أکثر النقاط قابلیة للنقاش فی هذا الفصل تلک المتعلقة بالمقارنة بین بدایات الفکر القومی فی کل من مصر و سوریا،فعلی رغم الاتفاق علی تجذر الوعی السیاسی عموما،و الحس القومی العربی خصوصا،فی شرائح المجتمع السوری منذ فترة طویلة إلا أن القول بتخلف الوعی المماثل فی مصر تعمیم غیر دقیق،ذلک أن مؤرخی الحرکة القومیة العربیة یرصدون تعبیرات مبکرة لعدد من الدوائر و الشخصیات السیاسیة و الأدبیة المصریة أسهمت منذ الربع الأول للقرن العشرین فی تغذیة التیار العروبی و الدعوة إلی التوجه القومی لمصر و مقاومة تیارات الانعزالیة المصریة.
لکن أیا کان الطرح الاسرائیلی للمشروع الشرق أوسطی فإنه یأتی محملا بالانعکاسات السالبة علی مقومات النظام العربی التی یمکن أن تحدث بفعل المشروع الشرق أوسطی،و من بینها:إعادة توزیع مصادر القوة فی مجال جغرافی و سیاسی أوسع، و الإقلال بذلک من أهمیة العلاقات العربیة- العربیة،و تذویب خصوصیاتها،و زیادة تأثیر الأقطاب غیر العربیة فی اتخاذ القرارات ذات الشأن فی المنطقة،و إطالة الفترة اللازمة لاستعادة النظام العربی لمقومات التوازن و الفاعلیة،و احتمال ظهور النزعات العرقیة و الدینیة و الطائفیة بقود بسبب دخول عناصر متعددة الثقافات و الحضارات فی الإطار الإقلیمی الأوسع،و تهمیش جامعة الدول العربیة و مؤسساتها،و زیادة فرص و مجالات التشکیک فی العروبة و القیم العربیة ذاتها،و فی جدوی العمل العربی الجماعی علی أساس أن اسرائیل یمکنها تحقیق ما أخفق العرب فی انجازه."