التفکر أس السعادة مقالة

"فانظر أیدک الل?ه الی النطفة و هی قطرة من الماء قذرة،لو ترکت ساعة لیضربها الهواء فسدت و أنتنت،کیف أخرجها رب الأرباب من الصلب و الترائب،و کیف جمع بین الذکر و الأنثی و ألقی الألفة و المحبة فی قلوبهم،و کیف قادهم بسلسلة المحبة و الشهوة الی الاجتماع، و کیف استخرج النطفة من الرجل بحرکة الوقاع،و کیف استجلب دم الحیض من أعماق العروق‌ و جمعه فی الرحم،ثم کیف خلق المولود من النطفة و سقاه بماء الحیض و غذاه حتی نما و ربا و کبر،و کیف جعل النطفة و هی بیضاء مشرقة علقة حمراء،ثم کیف جعلها مضغة،ثم کیف‌ قسم أجزاء النطفة و هی متشابهة متساویة الی العظام و الأعصاب و العروق و الأوتار و اللحم، ثم کیف رکب من اللحوم و الأعصاب و العروق الأعضاء الظاهرة،فدور الرأس،و شق السمع‌ و البصر و الأنف و الفم و سائر المنافذ،ثم مد الید و الرجل و قسم رءوسها بالأصابع،و قسم‌ الأصابع بالأنامل،ثم کیف رکب الأعضاء الباطنة من القلب و المعدة و الکبد و الطحال و الرئة و الرحم و المثانة و الأمعاء،کل واحد علی شکل مخصوص و مقدار مخصوص لعمل مخصوص، ثم کیف رکب کل عضو من هذه الأعضاء بأقسام أخر،فرکب العین من سبع طبقات لکل طبقة وصف مخصوص و هیئة مخصوصة لو فقدت طبقة منها أو زالت صفة من صفاتها تعطلت العین‌ عن الإبصار،فلو ذهبنا الی أن نصف ما فی آحاد هذه الأعضاء من العجائب و الآیات لانقضت‌ فیها الأعمار."