ملخص الجهاز:
"و لشغفهم بالعلم و المعرفة لم تکفهم«الأکادیمیة»-علی حد تعبیر المستشرقین ناشری القسم الأول من نفح الطیب-التی أنشأها بقرطبة أمراء بنی أمیة،و کان یدرس بها علم الکلام و الفلسفة الی جانب العلوم الأخری،فرحل کثیر من العلماء للشرق(مصر و الحجاز و الشام و العراق)حیث منبع العلم و العرفان،و بلغ هؤلاء الراحلون المئات،إلا أنه لم یکن فیهم من رحل للدراسات الفلسفیة إلا القلیل جدا.
و فی عهد الحکم الثانی المستنصر بالل?ه 350-366(961-976 م)بدأت العلوم الفلسفیة تأخذ مرکزها الحقیقة به؛فان هذا الخلیفة أخذ المجد الأدبی بشغاف قلبه أکثر من المجد الحربی الذی فتن أباه عبد الرحمن الناصر،فکان له فخر افتتاح هذه الدراسات العالیة و تمهید سبلها للراغبین،و جمع ما ألف فیها من کل نواحی الأرض و أقطارها،حتی کان-کما (1)المقدمة،طبع مصر عام 1322،ص 138.
3و لم یقتصر الاضطهاد علی الفلسفة،بل إن علم الکلام أیضا کان له من ذلک حظ وافر فی فترات مختلفة؛ها هو ذا علی بن یوسف بن تاشفین المتوفی عام 537 هـ لما تولی الملک بعد أبیه قرب إلیه الفقهاء و صار لا یقطع أمرا دونهم، فانتهزوا الفرصة و قرروا عنده تقبیح علم الکلام و أنه بدعة فی الدین ربما أدی أکثره الی اختلال فی العقائد،حتی استحکم-کما یقول المراکشی-فی نفسه بغضه،فشدد فی نبذه،و توعد من وجد عنده شیء من کتبه،حتی إنه لما دخلت کتب حجة الاسلام الغزالی المغرب أمر بإحراقها،و تقدم بالوعید الشدید،من سفک الدم و استئصال المال،الی من وجد عنده شیء منها»!4و لا عجب بعد هذا إن رأینا فی أیام المرابطبین المغالین فی التمسک بالدین أن الفلاسفة کانوا عرضة للاضطهاد و القتل إذا هم جاهروا بآرائهم5."