ملخص الجهاز:
"تلک هی جملة کتب الطبقات الإفریقیة،و نحن مهما حاولنا استغلال ما ورد فیها من معلومات عن القضاء و القضاة فی عهد الولاة فإن النتائج ستبقی دائما محدودة،ذلک لأن هذا الصنف من المصادر متضمن لنقائص یمکن و صفها بالعضویة فلو حللنا ترجمة أحد هؤلاء القضاة الذین ترجم لهم أبو العرب-الذی یعتبر المصدر الرئیسی-لوجدنا أن الترجمة لا تتعدی فی معظم الأحیان بعض الأسطر و تتضمن عادة الاسم و النسبة و الخصال الأخلاقیة للقاضی أو المثالب،و أحیانا الظروف التی تولی فیها القضاء.
التی بقدر ما تحث علی العدل و ترغب فیه بقدر ما ترهب من سخط الله علی القاضی الجانی أو المرتشی65لکن ذلک لم یمنع بعض القضاة أمثال ماتع من الارتشاء رغم حرصه علی العدل و عدم رضائه لتدخل أصحاب السلطة فی شؤون القضاء إذ ذکر أبو العرب أنه خلف بعد موته صحیفة کتب علیها «إنما حکمت لفلان علی فلان لأن فلانا سألنی فیه».
و الواقع أن فی تراجم القضاة العشرة لإفریقیة فی عهد الولاة لم نعثر إلا علی حادثة واحدة جرت للقاضی عبد الرحمان بن أنعم مع الوالی یزید بن حاتم الذی فض خاتم حکم لقاض کان بحوزة امرأة من حاشیة الأمیر و طلب من القاضی أن یختمه مرة ثانیة،فرفض عبد الرحمان و أصر أن تعید المرأة البینة.
فقد ورد ذکر الشرطة للمرة الأولی فی ولایة عبد الرحمان بن حبیب (127-138 هـ/745-755 م)،و کان علی شرطته عبد العزیز بن قیس102،و للمرة الثانیة سنة 183 هـ/799 م عند خروج الوالی محمد بن مقاتل العکی من إفریقیة إلی المشرق و قد اصطحبه صاحب شرطته و کان یدعی طرحون103،و فی نفس الفترة نجد إشارة فی أبی العرب إلی وجود عسس بالقیروان کانوا یطوفون أزقة المدینة لیلا و یحرسونها،و هم و لا شک من فروع الشرطة104."