ملخص الجهاز:
"و المثل المعروف«من جهل شیئا عاداء»یصور هذه النزعات أحسن تصویر و من هذا الطراز النظریات التی ظهرت فی جمیع العصور،و نادی أصحابها بفضل قوم علی قوم،أو طبقة من الناس علی طبقة أخری،أو جنس خاص علی سائر الاجناس،و لیس هنالک بأس کبیر فی أن یوجد رأی کهذا الرأی،لولا ما یستتبعه من أن للشعب المفضل حق البطش و السیادة علی الجماعات التی یراها دونه *** کانت الشعوب القدیمة التی ضربت فی الحضارة بسهم،تقسم سکان الارض قسمین:الاول الشعب الذی ینتمون الیه.
و لم یکن بد من تحریف حوادث التاریخ،و التجرؤ علی کثیر من الحقائق البسیطة المسلم بها،لکی یغدو من الممکن الادلاء بأدلة أو بما یشبه الأدلة علی صحة هذه المزاعم *** علی انه-بالرغم مما اشتملت علیه هذه الآراء من التطرف و الغلو و التشویه للحقائق- لیس هنالک بأس کبیر فی أن یظن شعب انه أسمی الشعوب و أرقاها،فیدفعه ذلک الی أن یسلک فی أعماله مسلک النبل و الشرف،و ان حرض أفراده علی أن یعیشوا عیشة حرة،و أن یکون لهم فی ترقیة الحضارة البشریة أکبر قسط و أوفر نصیب و لکن هذه النظریات تغدو شدیدة الخطر عظیمة الأذی و الضرر،اذا دفعت أصحابها لا الی ان یعیشوا عیشة الرقی،فی ضلال الفنون و العلوم،بل الی أن یتوهموا انهم لا بد لهم ان یسودوا العالم،و أن یسیطروا علی مصیر الامم،و أن یحکموا الشعوب لمصلحة شعبهم،فلا یبلغون العزة، الا باذلال الشعوب الأخری،و لا یتمتعون بالرفاهیة و الترف،الا علی حساب شعوب یذیقونها الجوع و الحرمان،و لا ینعمون بالسعادة الا بالباس أقوام عدیدة ثیاب الشقاء و البلاء لقد کانت فکرة التوسع سائدة فی عدة عصور،و لکنها فی الازمنة القدیمة کانت عبارة عن اتساع رقعة دولة کالدولة الرومانیة أو الدولة العربیة،قد یکون للعنصر الفاتح فیها أول الامر بعض المیزات،و لکن لا یلبث الجمیع أن یصبحوا أعضاء فی دولة واحدة،و بینهم شیء کثیر من المساواة."