ملخص الجهاز:
"أما المصدر الثالث،فیتمثل بدراسته العلیا فی الجامعات الألمانیة و حصوله منها علی شهادة الدکتوراة فی الفلسفة،و علی الرغم من أنها أقصر الفترات من حیث الزمن،من سنة 1935-1937 م،إلا أنها ترکت آثارا واضحة فی اتجاهات عمر فروخ الأخلاقیة والسلوکیة من حیث جده و مثابرته و احترامه لنفسه و للنظام و القانون،و ربما کان لها دور کبیر فی اتجاهه الفکری.
و بعد هذه الصرخات،و هی أشبه عندی بنفثات مصدور،و قد ضاق صدر عمر الواسع بالصورة المهینة التی یری فیها أمته العربیة،فیقول:«أنا أؤمن بأن الأمم تمر أدوار من الصعود و الهبوط،و أنا مؤمن بأن الشعوب العربیة سیأتی علیها دور تهتدی فیه إلی طریق صعودها،و لکننی لا أدری متی سیأتی هذا الدور...
و مع أنها کلها راجعة إلی أعمال السلف و معروفة المظان عند الفقهاء، فلیس معنی هذا أنها وحدها صحیحة و أنه لا یجوز العمل بغیرها:إنها آراء صحیحة فی نفسها إلی جانب الآراء الصحیحة الواردة عند الفقهاء،ثم إنها أیضا خاضعة للمناقشة»و نحن نری فی هذه التقدمة خلاصة وافیة لمنهج عمر فی دراسة التراث متکئا علی النصوص فی مصادرها الأولی، و ممعنا النظر فیها من خلال العقل و المنطق.
و قد أغنی الخزانة العربیة بمؤلفات قیمة و قضی حوالی ستین عاما من عمره الخصب المعطاء فی خدمة لغة القرآن و تأصیل جذور وحدة الأمة و إزاحة غبار القرون عن تراثها العظیم،لیقدمه إلی طلابه و أبناء أمته فی ثوب قشیب،تزینه اللغة الجمیلة و المنهجیة العلمیة و کان،رحمه الله،حریصا کل الحرص من خلال ما یضفیه من رونق عقلانی علی بحوثه (1)-انظر:عمر فروخ،عبقریة العرب فی العلم و الفلسفة،بیروت،1400 هـ 1980 م،ص 22-23 و تأتی بالمؤلف یشیرها هنا إلی کتابه القیم الذی وضعه بالاشتراک مع الدکتور مصطفی خالدی بعنوان:«التبشیر و الاستعمار فی البلاد العربیة»و قد ترجم إلی اللغة الروسیة."