ملخص الجهاز:
"و من عجب ن تستقر اللغة العربیة علی ما عرف من أسلوب النطق بها عند العرب فی الجاهلیة،و تتوافق مع ما نزل به القرآن من نصوصها،و تکون فی مأمن التحریف و اللحن إلی أن قدر للإسلام أن یطرق أبواب الأعاجم،و یتیح لهم بحق الإسلام الاندماج فی المجتمع العربی،ذلک الاندماج الذی أدی إلی ما بدأ ینخر جسم اللغة من اختلال فی سلامة النطق استدعی الاستنجاد بالبادیة العربیة التی لم تطأها أقدام الأعاجم،و استقاء قواعد النطق الصحیح من أفواه أهلها،و استنباط قواعد النحو من ذلک الأسلوب الذی درج علیه العرب منذ جاهلیتهم،و استقرت قواعده حتی عصرنا هذا.
و لقد کان للیقظة الفکریة التی ولدتها النهضة العلمیة الحدیثة،و البروز مجامع اللغة العربیة(و فی طلیعتها مجمعنا العظیم هذا)و لا شتداد و طأة العدوان الاستعماری علی الشعوب العربیة و الإسلامیة،کان لکل ذلک الأثر البین فیما نأمل أن یتنامی من وعی لحقیقة الفصحی و أهمیة العودة إلیها و نشرها فی ربوع الأرض لتحقیق الأمل فی مخاطبة العقول الراشدة فی کوکبنا من خلال القرآن و فهمه،و التأثر بإعجازه بالقدر الذی یمکنها من تفهم رسالته علی حقیقتها التی تترکز فی أهداف(الإخاء و السلام و التعایش بین بنی الأسرة الإنسانیة الکبری انطلاقا من الرجاء فی مرضاة الله و الخوف من عقابه).
صدق الله العظیم إن العرب و المسلمین لا یمکنهم أن یحتلوا فی عصرنا هذا المترلة اللائقة بهم و بتاریخهم الحضاری إلا بتجنید عقولهم و حوافزهم للإسهام فی النهضة العلمیة الکبری التی تتواصل مسیرتها علی نحو لم یشهد التاریخ لسرعته مثیلا،و أن یبنوا علاقاتهم فیما بینهم أولا،ثم فیما بینهم و بین غیرهم من الأمم،علی أسس حضاریة متینة یتم فیها إخضاع المادة لسلطان الروح حتی لا تطغی المادة علی البشریة،فتقودها إلی حیث تفقدها کرامة الإنسانیة،و شرف العمل علی إقامة دولة المدنیة الفاضلة،التی تحکمها نوامیس الإخاء و السلام و المحبة و الترفع عما لا یلیق بالإنسان."