ملخص الجهاز:
"(18)یقول تعالی فی هذا: و تعاونوا علی البر و التقوی و لا تعاونوا علی الإثم و العدون 2/المائدة،و یقول صلی الله علیه و سلم: «و الله فی عون العبد ما کان العبد فی عون أخیه»رواه أحمد و مسلم،و یقول:«من نفس عن مؤمن کربة من کرب الدنیا نفس الله عنه کربة یوم القیامة»رواه أبو داود و الترمذی و ابن ماجه و أحمد و مسلم،و یقول:«مثل المؤمنین فی توادهم و تراحمهم و تعاطفهم کمثل الجسد الواحد إذا اشتکی منه عضو تداعی له سائر الجسد بالسهر و الحمی»رواه البخاری و مسلم.
8-و إذا کان قتل النفس بغیر حق من أشد الجرائم،فإن إحیاء النفوس یعد من أعظم القربات،یشهد لذلک قوله-تعالی-فی قصة ابنی آدم و قد قتل أحدهما أخاه بغیر حق: من أجل ذلک کتبنا علی بنی إسرءیل أنه من قتل نفسا بغیر نفس أو فساد فی الأرض فکأنما قتل الناس جمیعا و من أحیاها فکأنما أحیاء الناس جمیعا سورة المائدة-الآیة:32 أی من کان سببا لحیاة نفس واحدة بإنقاذها من موت کانت مشرفة علیه فکأنما أحیا الناس جمیعا،فالإحیاء هنا عبارة عن الإنقاذ من هلکة،فهو مجاز،إذ المعنی الحقیقی مختص بالله-عز و جل-و المراد بهذا التشبیه.
و التبرع أو الهبة یختلف عن البیع،لأن البیع تملیک بعوض،و إذا کان الیبع لأجزاء البدن فهو تجارة رخیصة-لکسب مادی تافه،و منفعة مالیة دنیئة،لا تلیق بکرامة الإنسان،أما التبرع أو الهبة فی الحالات التی یجوز فیها ذلک لإنقاذ حیاة إنسان آخر مشرف علی الهلاک بالضوابط الشرعیة الآنفة الذکر،فهو درء لمفسدة أعظم،و تحقیق لمصلحة أرجح،و نمط من المروءة و محاسن الأخلاق،و ضرب من الإیثار الذی رغب فیه الشرع،طلبا للثواب و الأجر، و لا یکون هذا التبرع إلا عند الضرورة التی تبیح المحظور،فإذا لم یوجد سبیل سوی شراء العضو کانت الضرورة أشد،و ترجح دفع الضرر،حیث لا مفر من ذلک لتحقیق المصلحة."