ملخص الجهاز:
"فالمادة اللغویة التی خلفها لنا العقاد کثیرة منوعة،تقتضی من الدارسین أناة و صبرا بالغین،و تحتاج فی عرضها و مناقشتها إلی وقت أوسع و أفسح مما یحتمله هذا المقام، و هذه المادة-بالإضافة إلی ذلک-موزعة بین آثاره العدیدة،و متناثرة هنا و هناک فی بطون تلک الآثار.
أما الاتجاه الفکری عند العقاد فصعوبته توحده و تفرده؛فهو اتجاه أو-بالأحری- منهج خاص بالرجل وحده،تلمس فیه بوضوح شخصیته و عقلیته:شخصیة قویة لا تلین فی غیر حق،و لکنها دائما تعنف فی سبیل هذا الحق،و عقلیة جبارة تنفذ إلی أعماق النفوس و الأشیاء،فتکشف عن أسرار لا یدرک مغزاها أو معناها المتعجلون السطحیون،و من ثم یسمون أعماله تارة بالصعوبة و التعقید،و تارة أخری بالإغراق فی تحلیل الجزئیات دون النظر فی الکلیات، أو دون القیام بعملیة تجرید لهذه الجزئیات، و الوصول منها إلی قضایا کلیة.
أولهما ان العقاد کان أسعد حظا من صاحبه،فقد نجح فی عمله ولم یخلط بین منهجه فی بحوثه، و إنما أفرد لکل منهج بحوثا من لون خاص أما یسبرسن فکلنا یعلم أنه لم ینجح من هذا الخلط الذی یعد من أکبر عیوبه فی الدراسات اللغویة."