ملخص الجهاز:
"و حتی نتمکن من رسم تلک اللوحة سنحاول الإجابة عن جملة من الأسئلة:ما هی الحالة السیاسیة السائدة فی المغرب الأوسط منذ 1512 م؟و هل هذه السنة تعد نقطة تحول فی تاریخ المنطقة المغاربیة و المتوسطیة؟و إذا کان کذلک فما مؤشرات هذا التحول؟ما دور مدینة الجزائر فی التصدی للحملات الصلیبیة للقوی المسیحیة و خاصة الإسبانیة؟و ما دورها فی توحید منطقة المغرب الأوسط؟و ما دورها أخیرا فی حمایة المنطقة المغاربیة لمدة تفوق ثلاثة قرون من الأطماع المسیحیة الأوربیة؟ الوضعیة العامة للمغرب الأوسط قبل قدوم الإخوة أبناء یعقوب: -I- الاندفاع الإسبانی نحو العدوة المغاربیة: لقد اندفع الإسبان تحت قیادة إیزابیلا و فیردیناند،و بمبارکة رجال الدین الإسبان،و علی رأسهم(2)الکاردینال المجرم کزیمیناس دی سیسنیروس Ximenes de Cisneros نحو العدوة المغاربیة بعد سقوط غرناطة آخر معاقل المسلمین بالأندلس،و بعد الاتفاق الحاصل بین إسبانیا و البرتغال عام 1493 م،بفضل المساعی البابویة،الذی بمقتضاه قسم العالم غیر الأوروبی إلی منطقتی نفوذ بینهما،و کانت المنطقة المغاربیة من نصیب الإسبان(2).
-I- حملة دییقو دی فیرا: إسبانیا لم تفقدها نجاحات بابا عروج الأمل فی السیطرة و العودة من جدید و لو بطریقة غیر مباشرة:فقد استغلت وجود ابن سالم التومی فی أراضیها من جهة،و الخوف المتزاید لحکام تلمسان من بابا عروج من جهة أخری،لتحاول إزاحته عن الجزائر:فبعد وفاة الملک فردیناند سنة 1516 م خلفه مؤقتا فی إدارة شؤون المملکة کسیمنیس،الذی وجد الفرصة سانحة لتحقیق حلمه فی القضاء علی الدولة الناشئة و تنصیب ابن سالم التومی حاکما علی الجزائر،فعمل علی تجهیز جیش قوامه ثمانیة آلاف مقاتل أسندت قیادته إلی دییقودی فیرا (Diego de Vera) (33) هذه الحملة بالنسبة للإسبان کان لها مبررات کثیرة و واقعیة لعل أهمها: -الخطر الذی یسببه وجود قادة من أمثال عروج، و خیر الدین،و إسحاق علی المصالح الإسبانیة فی مدینة الجزائر،بل علی الوجود الإسبانی برمته فی المنطقة،."