ملخص الجهاز:
"بل هی وقدة الأمل تزکیة إذا خبا و تشدده إذا نبا و تزرد عن أواره رماد الیأس و تؤجج فیه فحمات القنوط و الاخفاق بل هی جلوة النفس یتجلی منها فی قسماته لألاء الفضائل و سنی الشمائل و یتألق فی أعمالها و أهوائها عنصر النور و جوهر السماء بل هی الأمل فی قلب الیائس و الفرحة فی نفس الشقی بل هی منبثق الأزل و ضوء الأبد فهی شعاع الله فی أرضه و سناه فی فرادیه بل هی أشبه بالجبهة من جسم المؤمن هی مجلی نور الأیمان و أعلی ما یرتفع للأعین بل هی الشعاع الذی توامضک به المرآة إذا انقدحث جمرة الفلک علیها بل هی رهبة الأسد حین یجلی بنظرة کبریائه لیدل علی أن الأسد لا غیره فلو کانت الحیاة الروحیة جسما لکانت عضلة من عضلات الطبیعة ولو کانت رمزا لکانت حقیقة من حقائق الکون،و أظنک أیها القاریء الکریم لا بد سائلی بعد هذه المقدمة ماذا أردت بکتابتک عن الحیاة الروحیة و جوابی علی هذا أن الحیاة الروحیة تنتظم أمورا ثلاثة:الحق و الخیر و الجمال،و هذه الحیاة هی التی صورتها الأدیان و کان یحیاها السلف الصالح من الأنبیاء و الزهاد و العباد و الصوفیة فی مختلف العصور و کان لظهورهم أبعد الآثار فی التسامی بالنفس الانسانیة عن حقیقة المادة و الصعود بها إلی عالم الروح،و کان أول مظهر لهذه الحیاة فی الاسلام هی حیاة الرسول علیه السلام و ظهرت لها صور أخری فی حیاة الصحابة و التابعین و من بعدهم من الزهاد و الصوفیة و دعامة هذه الحیاة النظر إلی الکون للوقوف علی آثار ید القدرة فی إبداعه و تصویره أما مظاهر الحیاة الروحیة فهی مجاهدة النفس و کشف حجاب الحس و تصفیة القلب و تنقیته من أدران الشهوة و الهوی و قطع العلاقء المادیة التی تفسد علیه صلته بربه."