ملخص الجهاز:
"و مما لا شک فیه ان هذا التفوق الاقتصادی الفرنسی،الذی کانت التجارة احدی مظاهره الواضحة،یعود فی جزء کبیر منه الی المرکز السیاسی الفرنسی المؤثر فی الدولة العثمانیة،و لکن اعقب هذا التفوق انحدار مؤقت نجم عن الثورة الفرنسیة عام 1789،و الضربة الحاسمة التی تلقتها حملة نابلیون علی مصر و بلاد الشام،اذ اعتبرت الدولة العثمانیة ان هذه الحملة موجهة ضدها فجمدت امتیازات فرنسا الاقتصادیة فیها34.
و ابرم اتفاق فی 10-20 تشرین الثانی عام 1879 بین الحکومة العثمانیة و البنک الامبراطوری العثمانی و عدد من البنوک فی استانبول لتسویة الامر،و لکن هذه الاتفاقیة لم ترض الشرکان المالیة،فتعرض الباب العالی لضغوط شدیدة ادت الی صدور فرمان محرم الموافق(8-20)کانون الاول عام 1881 و الذی نص علی قیام ادارة الدین العمومی العثمانی (Administration de la Dette Publique Ottoman) 86لتتولی تسدید دیون الدول الاجنبیة،و تشکل مجلس تنفیذی لهذه الادارة عام 1883،و بذلک أصبحت ادارة الدین العام تشرف علی الشؤون المالیة للدولة العثمانیة،و کانت حصة فرنسا من الدین العام العثمانی اکبر النسب،اذ بلغت حوالی 40%فی الوقت الذی بلغت فیه حصة انکلترا 29%و المانیا 7 ر 4%،و الباقی توزعته الدول الاوروبیة الاخری.
لقد اعتبرت الحکومة الفرنسیة ان عقد هذه الاتفاقیات فی هذا الوقت جعل مصالحها الاقتصادیة فی سوریة فی امان،و لکن تلاحق الاحداث السیاسیة التی کان ابرزها نشوب الحرب العالمیة الاولی و ابرام الدولة العثمانیة معاهدة صداقة مع المانیا، دفع بهذه المصالح الی حالة الخطر،اذ قامت الدولة العثمانیة و الغت جمیع الامتیازات الاجنبیة،لا سیما الفرنسیة و الانکلیزیة لکونها دول الحلف المعادی،و ذلک فی أول أیلول(سبتمبر)1914،و بحجة انها تتعارض مع القواعد القضائیة للقرن العشرین و مبادیء السیادة القومیة و انها تقف حجر عثرة امام تقدمها و تطورها93."