ملخص الجهاز:
"و یصور کثیر من الکتاب الآثار السیئة للتنمیة الاقتصادیة السریعة علی بناء الأمة،فیقول شوارتزنبرج فی کتابه علم الاجتماع السیاسی:إن التنمیة الاقتصادیة التی انبثقت فی دول العالم الثالث لم تسفر عن القضاء علی الانقسامات الاجتماعیة و المحلیة و الثقافیة،بل إنها بالعکس أدت إلی ظهور المزید من التفکک و التنوع،فقد انقسم المجتمع بفعل التنمیة إلی قطاعین أحدهما القطاع التقلیدی دو السمات الریفیة و الزراعیة و الثقافة القدیمة،و الأخر القطاع العصری الصناعی الذی یأخذ بانماط الحیاة فی المجتمعات العصریة.
و یبرر لنا الانتهاء إلی هذه النتیجة،أن الدول المتقدمة التی تکونت منذ قرنین أو ثلاثة قرون، و التی تجاوزت مرحلة بناء الأمة و انطلقت إلی أبعد مدی فی مجال التنمیة السیاسیة،ما زالت تتعرض لأخطار التفکک،و تتهددها الحرکات الانفصالیة و تموج باعمال العنف و الفوضی السیاسیة التی أخذت تتصاعد فی الآونة الأخیرة بصفة خاصة،مما یطرح فی هذه الدول قضایا الشرعیة و الذاتیة القومیة و التوزیع و غیرها من التحدیات التی تواجه دول العالم الثالث.
و السؤال الذی یطرح نفسه فی هذا السیاق هو کیف یمکن أن نفسر تعرض الدول المتقدمة لنفس الأزمات و التحدیات التی تواجه دول العالم الثالث؟و هل یعنی ذلک أن العالم لم یصل بعد إلی الصیغة المثلی أو الاستراتیجیة الأفضل لبناء الأمة؟ و تدور الاجابة علی مثل هذه التساؤلات حول محورین: المحور الأول یؤسس تفسیر الاضطرابات و اعمال العنف علی معیار النجاح فی عملیة بناء الأمة.
و خاصة عند ما تمارس الحکومات وسائل القهر و القمع بالنسبة للمواطنین-الأمر الذی یعنی أن الرأی الأول یفسر ظاهرة العنف فی دول العالم الثالث،باخفاقها فی إنجاز بناء الدولة،بینما یبرر الرأی الثانی هذه الظاهرة فی الدول المتقدمة،بأنها تقوم دلیلا علی بلوغ هذه الدول أقصی مراحل التحدیث السیاسی و المشارکة الشعبیة الکاملة التی ترفض سیاسات الحکومة إن هی حادت عن جادة الصواب."