ملخص الجهاز:
"أما السبب الثانی لتبنی المثل الأعلی التکراری فهو التسلط الفرعونی،فقد یحصل ان یوجد فی الجماعة البشریة مرکز قرار سیاسی طاغ،أو فرعونی بالمصطلح القرآنی، و یجد هذا المرکز ان تطور هذه الجماعة سوف یضر بامتیازاته السیاسیة و مصالحه الشخصیة،فیلجأ الی تقدیم اطروحة معینة للناس تحدد حرکتهم ضمن الحدود التی تناسب مرکزه السلطوی،و تکون هذه الأطروحة عبارة عن ذلک المثل الأعلی التکراری، کما یشیر الیه قوله تعالی: (قال فرعون:ما اریکم إلا ما أری) [غافر:29].
الحقیقة الثانیة:ان التنوع الحالی فی الجماعات البشریة من حیث المظاهر الخارجیة لا یؤشر الی«اعراق»أو«أنواع»فعلیة،بل عبارة عن زمر للنوع البشری الواحد،و لیس التعدد فی الألوان سوی آیة من آیات الله: (و من آیاته خلق السماوات و الأرض و اختلاف السنتکم و الوانکم) [الروم:22]،و علی هذا الأساس دعا القرآن الی اقامة امة جدیدة تتجاوز القبائل و الشعوب و الأعراق.
یتحدث السید الصدر عن تشتت الأمة الانسانیة الواحدة الأولی، قائلا:«ان الناس کانوا أمة واحدة فی مرحلة تسودها الفطرة و توحد بینها تصورات بدائیة للحیاة و هموم محددة و حاجات بسیطة،ثم فتحت-من خلال الممارسة الاجتماعیة للحیاة-المواهب و القابلیات و برزت الامکانیات المتفاوتة و اتسعت آفاق النظر و تنوعت التطلعات و تعقدت الحاجات،فنشأ الاختلاف و بدأ التناقض بین القوی و الضعیف...
اخری من الأهداف و الأغراض،الأساس الموضوعی لإعادة بناء الأمة الانسانیة الواحدة، و هو التوحید،و هذا هو الأساس النظری لبناء الأمة الواحدة،حیث یقدم الله کمثل أعلی مطلق للانسانیة،و یقدم منظومة أو شبکة العلاقات الاجتماعیة و النظمیة التی تکفل بتطبیقها ایجاد النسیج الاجتماعی الواحد المنتج لوحدة الأمة علی الصعید الانسانی،إلا ان الشروط الأخری للتوحید غیر متوفرة،و لهذا ما زالت مرحلة الاختلاف مستمرة."