ملخص الجهاز:
"هذا المسلک الذی فرضه تقدم المدنیة تلقفه الفقه الموضوعی-و علی رأسه الفقیة سافاتییه-لتأکید أن العصر الحدیث یتجه نحو اجتماعیة المسئولیة (socialisation de la responsabilite?) 9أی أن الهیئة الاجتماعیة تسعی بالوسائل کافة الی تحقیق تعویض مناسب للاضرار التی تلحق بالفرد،دون التقید بما تملیه المسئولیة الفردیة من ضرورة قیام الخطأ من ناحیة،و دون التقید بحصر الالتزام بالتعویض فی ذمة المسئول من ناحیة أخری10.
و لذلک فهذا النوع من الالتزام بالتعویض یعد وسیلة نصف مباشرة لاجتماعیة الالتزام بالتعویض28 (proce?de?de socialisation semi-directe de la reparation) الانظمة الجماعیة للتعویض: 6-و قد ترتب علی اجتماعیة المسئولیة أو الالتزام بالتعویض،علی النحو السابق،ان المسئولیة الفردیة لم تعد تستقل وحدها بتقریر الالتزام بتعویض الاضرار، بل عرفت الی جانبها فی المجتمع الحدیث مسئولیة جماعیة (responsabilite collective) تتمثل فی قیام انظمة جماعیة تلتزم بالتعویض (regimes de reparation collective) الی جانب المسئول او بدلا منه،وفقا لاحکام المسئولیة المدنیة،أو بحکم القانون، او بالعقد،فی اطار المسئولیة المدنیة أو خارجها،و ذلک عن طریق الدولة أو الاشخاص الاعتباریة العامة أو الخاصة أو التأمین الاختیاری أو الاجباری أو التأمینات الاجتماعیة29.
کما یثیر هذا الوجود المشترک مشکلة الجمع بین المسئولیتین مثل رجوع المضرور علی الفرد محدث الضرر وفقا لاحکام المسئولیة المدنیة مع اقتضاء التعویض الذی یرتبه له عقد التأمین علی الحیاة من شرکة التأمین،أو رجوع المصاب باصابة عمل علی الغیر محدث الاصابة الی جانب ما یتقاضاه من تعویض من التأمینات الاجتماعیة.
حقا أن المضرور سیحصل فی جمیع الاحوال علی تعویض ما لحقه من ضرر،و لکنه لا یحصل علیه فی هذه الحالة بصفة تعویض وفقا لقواعد المسئولیة و لکنه یحصل علی مقابل نقدی یستند الی اعتبارات أخری غیر فکرة المسئولیة،و بالتالی فان هذا المقابل النقدی لا تحکمه فکرة جبر الضرر،و لکن تحکمه فی المقام الاول الاعتبارات أو الاسباب التی استند الیها الالتزام بالاداء من جانب الذمة الجماعیة."