ملخص الجهاز:
"الذی یبدو لنا-من ملاحظة موارد استعمالها-أن أقرب هذه المفاهیم إلی المفهوم الذی نعنیه من لفظ«الحکمة»«هو»وضع الشیء فی موضعه«أو صواب الامر و سداده»فإن هذا المفهوم ینطلق إلی الذهن و یحضر لدیه عند سماع هذه الکلمة ولکننا لن ندعی أنه هو نفس المعنی بل ندعی أو نزعم أنه أقرب شیء إلیه و ألصق معنی به من بین المعانی التی ذکرت له،و من هند نجد أن صفة الحکمة تلتقی فی کلامنا بـ«الخبرة»و«المران»و«التجربة»فنعتبر الانسان المزود بهذه المعانی انسانا حکیما لأن له من تجاربه و خبرته و مرا نه ما یساعد علی إعطاء الرأی الصائب،و یمنح خطواته و أعماله صفة الترکیز و عدم الانحراف و الاهتزاز و یجعلها فی محلها-کما یقول التعبیر الشائع-و هو الذی یلتقی بمفهوم«وضع الشیء فی موضعه»و یتضح ما قلناه،و إذا لا حظنا التعبیر المتعارف«عالج الأمور بحکمة»أو«سار فیه بحکمة» فإن المفهوم منه هو الطریقة السدیدة التی تجعل کل شیء فی موضعه،و بذلک یمکننا التعرف علی وجه إطلاق هذا اللفظ علی«الکلام الموافق للحق»بإعتباره إرجاعا للأمر الی نصابه،و وضعا للحق فی موضعه،أو بإعتباره صوابا و سدادا.
». هذا نموذج من التفاسیر التی حاولت أن تجعل من الحکمة مضمونا للدعوة، و متعلقا لها،فهو تارة،أمر بالحسن و نهی عن القبیح،و أخری،الإتیان بالآیات القرآنیة فی مقام الدعوة،و ثالثة إقامة الادلة و البراهین علی الحق»و لکن یبدو لنا أنها لا تنسجم مع طبیعة غرض الآیة و هدفها الأخیر،فهی لیست فی مجال التحدث عما یلزم علی النبی،أن یدعو له فیأمر به أو ینهی عنه،لأن ذلک أمر واضح معلوم للنبی باعتباره نبیا مرسلا من قبل الله سبحانه،برسالة تتضمن أوامر الله و نواهیه القرآن یدخل ضمن نطاق الدعوة باعتباره المعجزة البیانیة الخالدة للرسالة الإلهیة العظیمة."