ملخص الجهاز:
"د-و أخیرا فقد یعانی الفیلسوف أو الفنان أو الأدیب أمراضا نفسیة،و قد یکشف نسقه الفکری أو عمله الفنی عن خصائص أو علامات و أحوال مرضیة،غیر أن هذه الخصائص و الأحوال المرضیة لا تفسر فکره أو عمله کما یزعم النقاد المتأثرون بالتحلیل النفسی(و إن کان بعض النقاد قد استغل فکرة یونح عن النموذج الأولی و عن«النفس» anima و الاتجاهات و الوظائف و الأنماط النفسیة بطریقة ناجحة فی تحلیل شعر إلیوت و قصیدة کیتس الشهیرة«أنشودة للعندلیب»)و یحتمل-فی تقدیری المتواضع-أن یکون یاسبرز قد تأثر بصورة مباشرة أو غیر مباشرة«بیونج»فی محاولته إیجاد ما یمکن أن یسمی بظاهریات النفس التی تتخطی الفردیة الواقعیة و تغوص فی أعماق الوعی و اللاوعی الجمعی المتأصل فی(علی نحو مشابه لما فعله باشلار فی تفسیره للخیال الخلاق و الصورة الشعریة).
). و لا ننسی فی هذا السیاق أن نقاد فلسفة التأویل یأخذون علیها أنها لم تتوصل إلی مبادیء أو قواعد یمکن الإجماع علیها،ناسین هم أیضا أنه لم یتوصل أحد الیوم إلی مبادیء ثابتة أو قواعد مطلقة، لا فی الفلسفة و لا فی النقد،و أن من الطبیعی أن تختلف المبادیء و القواعد-إذا صح استخدام هاتین الکلمتین- باختلاف المفسرین الذین تختلف قراءاتهم و تفسیراتهم للنص الواحد،دون أن یلزم عن ذلک بالضرورة أن نتهمهم بالذاتیة و النسبیة،و تنکب الموضوعیة؛لأن هذه المفاهیم نفسها بحاجة دائمة إلی التحدید و التوضیح،کما أن أصحاب فلسفة التأویل یؤکدون أن منهجهم ذاتی و تاریخی و نسبی،و أن الموضوعیة«المطلقة»هنا شیء مستحیل؛ذلک بأن الفهم أو التأویل عملیة دائریة تنصهر فیها الآفاق و تتداخل،أو تتنافر و تتباعد،فتحاول«ترجمة»الغریب و الآخر الأجنبی عنها من موقفها الخاص لتزداد معرفة به."