ملخص الجهاز:
"هذه هی المادة الروائیة التی تلمس الحکیم و محفوظ و غانم تخومها بالحدس،فکان المثقف الیساری فی أعمالهم عنوانا و قناعا للفانتازیا و موضوعا للمأساة بصفته«السجین السیاسی»دون غیره فی المخیلة العامة،و کان«الخروج»فی هذه الأعمال إفراجا عن السجین الذی بادر الواقع-حل المنظمات و الانضمام إلی الحزب الواحد-بتکذیبه بعد أقل من عام،کما کان هذا الخروج فی تلک الأعمال انفراجا سارعت الهزیمة بتکذیبه أیضا.
و فی إحدی زوایا التقاطعات الحادة-زیارة خروشوف لمصر الناصریة قبل سقوطه بأقل من عام و قبل هزیمتها بأقل من عامین-کان الخروج الکبیر من السجن، فاکتمل الانسلاخ عن الأم لجیل کامل سواء أکان داخل السجن الصغیر أم خارجه فی السجن الکبیر (و لیس من المصادفات أن یشیر الکاتب إلی هذه الرموز: رؤوف مسعد،کمال القلش،عبد الحکیم قاسم،إبراهیم أصلان،بهاء طاهر،یحیی الطاهر عبد الله،غالب هلسا) و غیرهم کثیرون ممن لم یذکرهم،و بعضهم أمسی من شهداء نقطة التقاطع الحادة و انقطاع الحبل السری إلی الفظام الدموی بالهزیمة فی مستویاتها المتعددة السابقة علی 7691 و التالیة لها.
و کان من الطبیعی أن ینسلخ عن الأم و أن یقتل الأب حتی تتحرر عیناه-فی الکتابة-من العناصر اللغویة و الأسلوبیة و الدلالیة التی حجبت الرؤیة عن فتحی غانم الذی اختزل الهزیمة فی أزمة ضمیر و اختزل الواقع فی العلاقة بین الکاتب و«الجریمة»و اختزل الجریمة فی القمع.
کانت هذه الدائرة الداخلیة الأولی من الأسئلة التی تصارع الإجابات،و قد اشتبکت فی«عقد»متتالیة من الأسئلة الجدیدة و الإجابات الغائبة التی تراوحت بین رفاق الأمس ضیقا و اتساعا بین الأقرباء إلی القلب و الأبعد عن العقل و الروح،بین المتعارکین علی المقاهی و المندمجین فی دورة رأس المال،و الجمیع تلفهم الغیبوبة الکامنة تحت الجلد،تحت الألفاظ،و ما وراء نحت التراکیب."