ملخص الجهاز:
"و هکذا یمکن أن ندرج عملیة صنع قرار السیاسة الخارجیة المصریة فی العهود الثلاثة بعد الثورة(عبد الناصر-السادات -مبارک)تحت نمط القائد المسیطر و ذلک علی الرغم من الاختلاف بین القادة الثلاثة فی الأسلوب و التوجهات،فهناک مرکزیة و محدودیة دور المؤسسات و یتوقف مدی نفوذ الأشخاص المختلفین فی عملیة صنع القرار علی علاقتهم الشخصیة بالقائد و لیس علی موقعهم الوظیفی فی الوزارة أو الجهاز البیروقراطی،فعلی سبیل المثال فإن المکانة المرموقة للدکتور أسامة الباز لم تکن تأتی من منصب السکرتیر الأول لوزارة الخارجیة و إنما من مرکزه کمستشار للرئیس.
و بصفة عامة یلاحظ محدودیة الدور الذی یمارسه الرأی العام و الأحزاب فی صنع قرار السیاسة الخارجیة،و یتسم النمط العام لصنع السیاسة الخارجیة بتنظیم و ضبط مشارکة المواطنین فی العملیة السیاسیة و بالأخص فی الشئون العربیة، إذ لا یتم السماح لأیة قوی أن تلعب دورا ملحوظا فی السیاسة العربیة سواء کان اتحاد العمال أو الغرف التجاریة أو الأحزاب السیاسیة أو الجمعیات الأهلیة أو الصحافة و الرأی العام، و یمکن أن نشیر إلی الضغوط التی تتعرض لها أحزاب المعارضة حین تقوم باتصالات مع دول عربیة علی خلاف شدید مع مصر،أو حین تقوم بتوجیه انتقادات شدیدة ضد دول عربیة لمصر مصالح استراتیجیة معها.
و تخطیط السیاسة الخارجیة المصریة فی القرن القادم یحتاج إلی التغلب علی عدة مشکلات:منها المشکلات المؤسسیة التی تتلخص فی علاقة ادارة التخطیط بوزیر الخارجیة و الادارات الأخری،فالوزیر ینزعج من تقاریر الإدارة حول مشکلات لم تحدث بعد بینما المشکلات الموجودة فعلا تکفیه،کما أن محدودیة التفاعل بین الأجهزة التخطیطیة فی مختلف مؤسسات الدولة المؤثرة علی السیاسیة الخارجیة تضعف من عملیة التخطیط،مما یفرض وجود إطار مؤسسی للتنسیق تشارک فیه أجهزة مختلفة،هذا الإطار من المهم أن یکون إطارا مؤسسیا مرکزیا علی مستوی رئاسة الجمهوریة."