ملخص الجهاز:
"و علی الرغم من ان الاستشراق قد بدأ بعملیة نقد داخلیة منذ بدایة العقد السابع،و ان ثمة اصواتا جدیدة متعاطفة مع موضوع الدراسة اخذت تتردد اصداؤها فی رحابه،فإن المستشرق الذی یبدأ بدراسة الشرق و من خلال جملة المکونات الثقافیة التی تحکم انتاجه فی النهایة-کالقوالب الثقافیة الجاهزة التی تراکمت من خلال اجهزة الاعلام و التی یعتبر عالم الف لیلة و لیلة و الحروب الصلبیة و سواها من موادها الاساسیة،و من خلال التغطیة الاعلامیة للشؤون الشرقیة و خاصة ما اتصل منها بحیاته الیومیة؛و بعد ذلک من خلال الکتب التی یقرأها فی دراسته الجامعیة الاولی،و من خلال المراجع المختلفة التی کتبت بمختلف اللغات الاوروبیة و التی أنتجها الاوروبیون،الخارجیون،الآخرون؛و اخیرا من خلال التفاعل بین هذا الجانب الاکادیمی من هذا التقلید و الجانب الاعلامی منه-یتقولب بفعل هذا التقلید الثقافی و رغم محاولته دائما البحث عن صوته الخاص به،و رغم محاولته ان یکسر هذه الدائرة المغناطیسیة التی تحدد حرکته و تقیده،فإنه یظل اسیر هذا النمط من النظام الفکری الذی یقوم علیه الاستشراق،هذا التراث النقابی/المهنی کما یسمیه ادوارد سعید،إنه بمعنی آخر یغدو منتجا ثقافیا له.
صحیح ان ثمة اسماء معینة قد ساهمت-من خلال کتابات جادة و قیمة عن الثقافات الاخری-بقسط لا یمکن انکاره،الا ان من الانصاف ان نشیر الی جملة حقائق فی هذا السیاق: 1-إن هذه الاسهامات محدودة جدا،و لا یمکن مقارنتها فی ای وجه باسهامات الخارجیین فی دراسة ثقافة الشرق،و ربما کان من اهم ما یمیزها فیما یتصل بموضوع هذه الدراسة،کونها تخلو الی حد کبیر من ایة نزعة عنصریة او ایدیولوجیة تتصل بهذا الفرق الوجودی بین الشرق و الغرب(و الذی یمکن وراء أغلب الآراء الاستشراقیة المغرضة)."