ملخص الجهاز:
"کان من المرات القلیلة التی فارق فیها صاحبنا عزلته-فی القراءة و التذوق وحده-ما قام به دراسة موسعة5حول قصیدة جاهلیة،قد اختلف فی نسبتها اختلافا کبیرا منذ القدیم،و لقد أبان فی هذه الدراسة عن منهجه فی تناول الشعر تحقیقا و تذوقا و فهما و إفهاما و فی دراسته تلک یظهر لنا منهجا رحبا،یتسع لیشمل حقولا مختلفة من البحث و الدراسة الأدبیة و النقدیة،قد تناول فیها قضایا مختلفة من اللغة و الشعر،و مطلع القصیدة کما کتبها: إن بالشعب الذی دون سلع لقتیلا،دمه ما یطل *أصول المنهج: و قبل أن یتناول أبیات هذه القصیدة،قام بتحقیق نصها و نسبتها،و ذکر أصول منهجه فی مثل هذا التحقیق للنوع المختلف فیه من الشعر العربی،و یهمنا أولا أن نتعرف صفة هذه الأصول التی اعتمدها فی تحقیق هذه القصیدة و التی یتطلبها کل بحث یحتاج الی تحقیق نسبة نص ما.
الثانی:علی المادة المرویة من شعر أو نثر أو غیر هما: فأما المجال الأول؛و هو تطبیقه علی حال الروای و المؤلفین،فقد أظهر أبو فهر براعة جلیلة،فی التعامل مع هؤلاء،و بخاصة فیما یتصل بأمر روایة هذه القصیدة،و حاول أن یتحری حقیقة نسبتها،حیث إن القصیدة التی بین أیدینا قد اختلف فی نسبتها قدیما بین العلماء و الرواة،فنجدهم لم یستقروا علی صاحب واحد لها،و أیضا لم یستقروا علی زمنها أهی إسلامیة أم جاهلیة؟، و هی قضیة شائکة و حری بمن یتعرض لها-و بخاصة من المحدثین-أن یکون قد أوتی قدرا کبیرا من الثثقافة و الخبرة بعلم الروایة و صنعة الشعر،حتی یتسنی له السیر فی مثل هذه الطریق الوعرة الشائکة من البحث و قد توفر کل هذا لأبی فهر فألقی بنفسه فی حلقة هذا الاختلاف،و حاول بمنهجه أن یفصل فی أمر نسبتها، و إزاحة الستار عن الشک الذی اکتنفها،حتی قال فی نهایة بحثه عن هذه القصیدة: «إنها قصیدة جاهلیة لا ریب فی ذلک»11 لکن کیف خلص له هذا القول،و قطع به؟للاجابة عن هذا التساؤل علینا أن نعرض لأهم نقاط منهجه فی ذلک."