ملخص الجهاز:
"3-مجونه و زندقته: و معظم أخبار مطیع و أفعاله تؤید تحلله من الدین و الشعائر الاسلامیة تحللا کاملا؛ اذ انغمس فی تیار اللهو و المجون الذی کان قد«اتخذ مجری له فی حیاة الجماعة الاسلامیة منذ نهایة القرن الأول»73،و أخذ یرتکب القبائح المردیة و الفضائح المخزیة غیر عابیء بالآداب العامة و الأعراف و التقالید،متأثرا فی ذلک بنشأته فی مدینة الکوفة التی توصلت الی أن تصبح-فی أواخر العصر الأموی-حاضرة من حواضر اللهو و المجون فی المجتمع الاسلامی،أو علی حد التعبیر التجاری:مرکزا لـ«تورید»عناصر اللهو و المجون الی حاضرة الدولة و الی قصر الخلیفة بالذات»74،وقد بلغ فیه المجون درجة جعلت محمد جابر عبد العال ینسب الیها مجون بغداد،و کل اشارات الزندقة و المجون فی الشعر العربی75.
لقد نسب أبو منصور الثعالبی النیسابوری زندقة مطیع و أصحابه الی الظرف،و قال عنهم،بعد أن عدد أسماءهم«و الله أعلم ببواطنهم و ضمائرهم»،ثم أکمل قائلا:«وقد کان الجاهل الغر من أهل ذلک العصر،یتطفل علی الزندقة،ینتحلها لیعد من الظرفاء،کما قال الشاعر: تزندق معلنا لیقول قوم من الأدباء زندیق ظریف فقد بقی التزندق فیه وسما و ما قیل الظریف و لا الخفیف121 و قال الجاحظ:«ان الناس فی عصره لم یکونوا یبالون بتهمة الزندقة،ماداموا سینسبون بعدها الی الظرف»122،اذ ان«سمة الظرف کانت لاصقة بالزندیق،وقد اشتهر بها یحیی بن زیاد الحارثی صدیق مطیع،فکانوا اذا وصفوا انسانا بالظرف، قالوا:هو أظرف من الزندیق-یعنون یحیی-و هو المعنی الذی أشار الیه أبو نواس بقوله: «تیه مغن و ظرف زندیق»123 و لم یکن یحیی متزندقا زندقة دینیة رغم اتهامه بها،کما یقول هدارة و عطوان،و انما کانت زندقته نوعا من الظرف و التحلل من القیم و التقالید الاجتماعیة المرعیة،و لیست ایمانا بالمذاهب الفارسیة القدیمة أو انسلاخا عن تعالیم الاسلام."