ملخص الجهاز:
"صممت مصر علی إحدی الخطتین،فکانت التی فیها الشرف و الکرامة،بعد أن استنفدت التجارب،و استفرغت الجهود، و بعد أن استعرضت الماضی بعبره و شواهده،فرأت أن ساعة من العمل خیر من ألف شهر فی الکلام،و أنها تمارس خصما إن استنجزته الوعد طاول،و إن تقاصرت أمامه تطاول؛فخطت هذه الخطوة واثقة مستبصرة،و ترکت للأقدار ما وراءها،کما یفعل المظلوم المستئیس من إنصاف ظالمه،و من نصر النظارة: یرکب الحد الخشن،و یعتمد علی نفسه،و ینادی ربه:«أنی مغلوب فانتصر» رأت مصر-کما رأینا و کما رأت الشعوب المستضعفة- أن السنة قد انعکست،فأصبحت أیام الحرب أکثر عددا من أیام السلم،و أن لصوص الاستعمار تشغلهم الحرب عن السلم،و لم تشغلهم السلم عن الحرب،فأصبحوا فی حرب متصلة الحلقات و علمت مصر-کما علم غیرها-أن الشعار الکاذب لحرب 41-81 هو و عود المتحاربین للأمم الضعیفة بأن نهایة الحرب هی بدایة تحریرهم فلیسکتوا إلی حین،لأن السلاح خطیب یجب الإنصات له،و یحرم الکلام معه،فلما انتهت تلک الحرب أمعن اللصوص المنتصرون فی استعباد المستضعفین،و صمت آذانهم عن سماع أصواتهم."