ملخص الجهاز:
"و علی الرغم من أن البکری یؤکد بأن قبائل صنهاجة لم تکن تعرف فلاحة الأرض و لا زراعتها، لاعتمادها أساسا علی توفره لها قطعان جمالها من لحوم و ألبان-حتی أن کثیرا من عناصرهاها تقضی حیاتها دون أن تکون قد أکلت کسیرة خبز3-فإن الإستقرار بسهل الحوز و ما صحبه من تأسیس سلطة مرکزیة فرض علی بعض العناصر اللمونیة الاهتمام بالزراعة لتلبیة حاجیاتها و حاجیات بقیة العناصر المشغلة بالحرب،و مما کان یشجع علی ممارسته هذه النشاط خصوبة التربة و توفر میاه الری، و أکثر من هذا،و ذاک،وجود تقالید زراعیة بالمنطقة.
*صناعات أخری:وردت عند المؤرخین أسماء لصناعات أخری کانت معروفة خلال الحقبة الوسیطة،إلا أنهم لم یتوسعوا فیها بالقدر الذی یتیح للدارس أن یفرد لها عناوین خاصة،هذا من جهة و من جهة أخری،فإن هذه الصناعات علی ما یبدو لم تتطور و تزدهر،إلا بعد نجاح الحرکة الموحدیة،بالإضافة إلی کون عدد منها ارتبط بالجوانب الکمالیة من حیاة الناس،مما جعل الإقبال علیها یکون محدودا،و مرتبطا بأفراد البلاط و الفئات المیسورة عموما.
لمائة أو ثمانین جملا محملة بالبضائع إلی بلاد السودان،تطلب منه تجنید أضعافها من العبید و الأجراء الذین اقتسموا مهام المراقبة و القیادة و الإشراف،و بالمثل،فإن القبائل الواقعة علی مسالک القوافل التجاریة نفسها استفادت من هذه الحرکة التجاریة عن طریق تسلم بعض اللوازم و المکوس،من التجار العابرین لأراضیها لقاء حمایتهم من هجمات قطاع الطرق،و بخاصة أن بعض طوائف المجتمع المصمودی مارست حرفة قطع الطرق،و هو ما أشار إلیه العلامة ابن خلدون، حینما قام بتصنیف فئات المجتمع المصمودی:«...
و قد کان هناک نوع من التکامل الاقتصادی بین تارودانت و إقلیم جزولة،إذ فی الوقت الذی امتازت فیه تارودانت بإنتاج أنواع متعددة من الأقمشة و الثیاب،فإن جزولة تمیزت بإنتاج الأدوات النحاسیة فصدرتها إلی تارودانت و إلی بقیة مناطق المغرب،و کانت فی المقابل تستورد بعض المواد الضروریة للجزولیین."