ملخص الجهاز:
"فلغة الکتابة الدبلوماسیة آنذاک لغة سهلة بسیطة لا تعقید فیها و لا إبهام،اللهم إلا من بعض الجمل الرکیکة،و هذا یدل علی أن اللغة العربیة فی ذلک الوقت بدأت تنحسر لقلة اهتمام الملوک و الأمراء بالناحیة الأدبیة،نتیجة للمتغیرات المتلاحقة بسبب کثرة الحروب و الفتن و بدایة استرداد الفرنجة للأندلس من أیدی المسلمین، مما جعل غالبیة أمراء المسلمین ینصرفون للحرب دونما عنایة بالأدب و الشعر و الخطابة،کما کانت علیه الحال أیام الازدهار و الرخاء اللذین عرفتهما الأندلس لقرون عدة.
ففی الرسالة الأولی یتعهد سلطان تونس أبو عبد الله محمد الحسن بالتنازل عن قصبة بونة لقاء استرداد عرشه من ید الأتراک،و هذا ما فعله حقیقة عندما انتصر علی خیر الدین بربروس و استعاد ملکه و أبرم هذه المعاهدة مع شارلکان التی أقل ما یقال فیها إنها خیانة عظمی بمفهوم السیاسة المعاصرة،لأنها تقوم علی حساب الأرض و الأمن مقابل الاحتفاظ بکرسی الحکم ولو بشکل صوری.
*** التحلیل و المضمون:تکشف لنا هذه الرسائل-الوثائق عن علاقات هامة قامت بیت الممالک الإسلامیة فی شمال إفریقیا،و تحدیدا المغرب الأقصی،و بین أسبانیا النصرانیة،فی فترة یمکن اعتبارها حرجة من وجهة نظر التحلیل السیاسی للأحداث التی کانت تمر بها منطقة شمال أفریقیا خاصة،فالصراع علی الحکم بین أبناء البیت الواحد،أی بین أبناء السلطان أحمد المنصور الذهبی السعدی،کان علی أشده بحیث أدی إلی ضعف فی بنیة الدولة و تقهقرها،مما دعاهم للاستعانة بالملوک الأسبان الذین لم یتوانوا یوما عن اقتناص الفرص الثمنیة للانقضاض علی المسلمین و إذلالهم،و سلخ المدن و القری و إلحاقها بالدولة الأسبانیة جزاء لما تقدمه من«إعانة و مساعدة»لهؤلاء السلاطین الذین غلبوا المصلحة الشخصیة- رغم ما فیها من مخاطر مأسویة انعکست علی المسلمین-علی المصلحة العامة للبلاد الإسلامیة التی کانت تستدعی آنذاک توحید الجهود و تضافرها للوقوف صفا واحدا أمام التحدیات الخطیرة التی أحدثت و لا زالت تحدق بالممالک الإسلامیة فی تلک الحقبة."