ملخص الجهاز:
"مدینة الفقهاء و مدینة الفلاسفة: نموذج مقارن لرؤیة المدینة فی المجال الحضاری العربی الإسلامی رضوان السید أولا:مدینة الفارابی(-339 هـ)،مدینة الفلاسفة: أ-«و کل واحد من الناس مفطور علی أنه محتاج فی قوامه،و فی أن یبلغ أفضل کمالاته إلی أشیاء کثیرة لا یمکنه أن یقوم بها کلها هو وحده،بل یحتاج إلی قوم یقوم له کل واحد منهم بشیء،مما یحتاج إلیه.
و کما أن البدن أعضاؤه مختلفة متفاضلة الفطرة و القوی،و فیها عضو واحد رئیس هو القلب-و أعضاؤه تقرب مراتبها من ذلک الرئیس،و کل واحد منها جعلت فیه بالطبع قوة یفعل بها فعله ابتغاء لما هو بالطبع غرض ذلک العضو الرئیس...
فمدبر تلک المدینة شبیه بالسبب الأول الذی به وجود سائر الموجودات،ثم لا تزال مراتب الموجودات تنحط قلیلا قلیلا فیکون کل واحد منها رئیسا و مرؤوسا إلی أن تنتهی إلی الموجودات الممکنة التی لا رئاسة لها أصلا بل هی خادمة و توجد لأجل غیرها و هی المادة الأولی و الأسطقسات»4.
لکن المعنی السیاسی(وجود السلطة السیاسیة)لیس تأسیسیا فی المصر لدی الفقهاء المسلمین بمعنی أن الرئیس أو السلطان لا یهب المصر معناه کما عند الفارابی و الفلاسفة.
و أقصد بوضوح ذلک حتی عند الأحناف ما جاء عن أبی حنیفة فی تحدید المصر فی آخر الفقرة(ب)؛فهو یقول إن المصر:بلدة کبیرة،أی أنه تتوافر له و فیه کثافة سکانیة معتبرة.
ففضلا عن مجیء السلطة خامسة ضمن تحدیدات المصر و شروطه؛فإنه لا علاقة لها بسلطة الفارابی المدینیة لأن السلطان لیس مؤسسا للاجتماع المدینی بل هو نتیجة من نتائجه،ثم إنه جزء منه و لیس عقلا أو قلبا له؛بل هو فی الاجتماع المدینی السیاسی موکول إلیه من الناس القیام بمهام معینة22."