ملخص الجهاز:
"و مهما قیل فی الاعتراض علی وجود هذا الاستعداد فان له الآن انصارا کبارا فی بلاد متعددة یعتبرون من هذه الزاویة خلفاء للومبروزو،و ان کانت آراؤهم تختلف عن آرائه من ثلاث زوایا هامة: الأولی:هی عدم المغالاة فی دور هذا الاستعداد الاجرامی السابق،و التسلیم الی جانبه-فی وضوح-بدور سائر العوامل النفسیة و الاجتماعیة التی تسلم بها المدارس الأخری،و التی سلم بها لومبروزو نفسه فی الطبعات الأخیرة من مؤلفه عن«الانسان المجرم».
و قد صدرت هاتان العبارتان منذ مطلع هذا القرن،و لذا کان من الطبیعی أن یتزاید الاهتمام ببحث هذه الظواهر مع محاولة تحلیلها الی المئات،بل الآلاف من القضایا الجزئیة المتفرعة عنها و المرتبطة بها،ثم تأصیلها فی قضایا کلیة أصبحت تغطی تقریبا کل نواحی النشاط العلمی فی هذا القرن العشرین،و نحن عنها غافلون!!و من ضمن أولئک الذین أولوا هذه الظواهر العنایة الجدیرة بها سیزار لومبروزو علی ما سوف یتضح للقاریء من البیانات الآتیة:- عن لومبروزو الباحث الروحی یعرف الجمیع لومبروزو بوصفه زائدا ممتازا و مناضلا قویا لتطویر علم الاجرام.
و من بین النقاط الهامة التی تناولها أورتیز الفلسفة الروحیة المؤسسة علی الاعتقاد فی المسئولیة الادبیة للنفس الانسانیة عن افعالها بوصفها تعبیرا عن مستوی تطورها الذی لا تمثل تکرارا دقیقا لأفعال همجیه کانت تقع الحیوانی-و هو ما نادی به لومبروزو نفسه بالنسبة لطائفة«المجرم بالفطرة أو التکوین» -تشیر بحسب الصیغة الماهرة التی وضعها العالم الجنائی الایطالی فریرو Ferrero الی ان جریمة الحاضر التی یرتکبها المجرم بالتکوین لا تمثل تکرارا دقیقا لافعال همجیه کانت نفع قبل التاریخ،بل ثمرة اتصال البیئة الحاضره بکائنات بذاتیة متخلفة،أی لم تتطور بعد التطور الکافی."