ملخص الجهاز:
"و کیف أؤدی واجبی نحو النهوض بالإنتاج المائی إذا حرصت علی مجرد عد الشعرات التی تنتظم زائدة من زوائد الحیوانات الدقیقة؟و ما نفعی إن صرفت وقتی أحصر عدد «الدیاتومات»فی نقطة ماء تحت المجهر؟ کان علی أبدأ حیاة علمیة جدیدة،تتفق و حاجات بلادی،کان علی أن أبحث عن وسائل غیر منظورة لسد هذه الحاجات،و إذا بیأفجأ بأن البحث العلمی فی صمیمه،و بمعناه الضیق،لن یؤدی قبل قرن من الزمان،إلی أن تجنی البلاد منه غناء.
و أخیرا تتضح لنا حقائق الثروة المائیة فی مصر: فهی لن تستجیب لمجرد عصا الساحر-أو العالم- ولن تخضع لمجرد التجدید فی الآلات و الأدوات، ما بقی الصیاد جاهلا فاقد الطموح،و ما دامت الدولة منصرفة عن مد وسائل العمران ما بین الوادی الخصیب و شواطئ البحرین الأبیض و الأحمر،فلا أمل أن یمتد نشاط الصید إلی أبعد من حدود الدلتا،و إلی خلیج السویس فی أحسن الفروض.
و قد سبق لی القول بأن البحث العلمی وحده لا یحل مشکلة الثروة المائیة فی مصر،فإذا اتجهنا إلی وحدة الإنتاج السمکی أی إلی الصیاد،رأینا الدولة حریصة کل الحرص علی تنمیة ممکناته،و ذلک بالعنایة بصحته و بمعاشه أولا،ثم بدعم حرفته عن طریق السلف الصناعیة و الجمعیات التعاونیة،و هی فوق هذا تعنی بإنشاء مدارس لحرفة الصید تنشبیء المصریین علی رکوب البحر،قبل أن یکونوا مجرد صیادین.
أما فی مصادر الثروة المائیة القدیمة فی البحیرات، فإن وسائلنا فی التقدم بالإنتاج تقوم أولا علی ال mechanization ولن یتأخر الوقت طویلا عند ما نری صیادی البحیرات یستعملون المحرکات الآلیة للانتقال علی صفحة الماء الشاسعة،فیتوفر لهم الوقت لعملیات الصید ذاتها،و هذا إلی ما تم و یتم من إنشاء المزارع السمیکیة علی شواطیء البحیرات کلها،و هذه محاولات أساسیة نحو مضاعفة الإنتاج فی حیز محدود، لمقابلة تدهوره نتیجة انکماش مساحة تلک البحیرات و قلة رصیدها من میاه الری و الصرف."