ملخص الجهاز:
"عصام محفوظ* الشهادة الوائیة فی زمن العولمة بین عالم المرکز و عوالم الأطراف تعمدت استخدام کلمة«شهادة»کصفة للروایة المعنیة فی هذا البحث،لأن النقد العربی الحدیث یتجه إلی استبعادها من قاموسه،تأثرا بالنقد الغربی الحدیث،مع بدء مرحلة غلب علیها عنوان«نهایة التاریخ»،و فی غیاب التاریخ یغیب الصراع،و فی غیاب الصراع لا تعود ثمة حاجة للشهود و الشهادة.
إن أی استبعاد نقدی لواقع الشهادة فی العربیة المعاصرة یعنی إخراجها من واقعها،إلا إذا کانت الروایة نفسها أخرجت نفسها،و لیست هی المعنیة فی هذا الکتاب، حیث أحاول أن أبرز الاختلاف عبر الروایة،بین مجتمعاتنا النامیة التی لا تزال تعیش مناخ الصراع علی کل مستوی،و بین المجتمعات المتطورة التی یدعی صاحبنظریة«نهایة التاریخ»أنها خرجت منها.
و إذا سلمنا جدلا بهذه النظریة التی لا تزال موضع جدل فی بلدان المرکز نفسه،فإن الاختلاف لیس فحسب اختلاف المسافة بین المجتمعات الواصلة و المجتمعا التی تسعیإلی الوصول،بل هو یحتم علی المجتمعات الأخیرة صراعا علی جبهتین:علی جبهة الداخل حول أقل الطرق مطبات فی هذا الاتجاه،و ما یجب ترکه أو حمله فی«عربات القافلة»،و علی جبهة الخارج فی مواجهة القیمین علی المجتمعات الواصلة الذین سیضعون العراقیل أمام تقدم المجتمعات الساعیة إلی الوصول،إلا بالقدر الذی یخدم تقدمها،لأن وصول الجمیع یعنی إعادة توزیع الثروات و المشارکة العامة و العادلة فی خیرات العالم،و هذا یتنافی مع الأیدیولوجیة الراهنة القائمة أصلا علی التنافس الشرس.
لکن حدث العکس أیضا:ففی مطلع الخمسینات کان الصراع الدولی المتکافیء قد استقر فی المرکز علی شعار التعایش السلمی بین الأنظمة الرأسمالیة و الأنظمة الاشتراکیة،و ان یمکن لهذا الاستقرار أن یستمر طویلا لو لا الختراق الذی قامت به ثورة وطنیة محلیة فی جزیرة من عالم الأطراف، هی الثورة الکوبیة التی انفجرت و انتصرت بدون مساعدة الحزب الشیوعی الکوبی."