ملخص الجهاز:
"و عند ما کان المسلمون یتساءلون عما ینفقون کانت الإجابة لهم عند الله عز و جل: و ما تنفقوا من خیر فإن الله به علیم البقرة آیة 372 فالمال خیر فی نظر الإسلام،و فوق ذلک فإن اکتساب المال من طریقه الحلال لإعفاف النفس أو لأی غرض آخر من الأغراض التی شرعها الله هذا الاکتساب للمال هو کفارة للذنوب،فمن الذنوب کما یرشدنا الحدیث الشریف ذنوب لا تغفرها صلاة و لا صیام،إنما یغفرها السعی علی المعاش،و الذی یبیت مجهدا من عمل یده یرید أن یکسب مایحفظ ماء وجهه و ما یمکنه من أن تکون یده العلیا مبتغیا بذلک وجه الله عز و جل مبتعدا عن الکسب السریع الرخیص إذا کان من غیر الطریق الذی شرع الله،من بات کذلک،فهو کما قال الرسول صلی الله علیه و سلم:«من بات کالا من عمل یده بات مغفورا له».
أخرجت فی عهده الزکاة فلم یوجد لها من یستحقها،و بعثت الولاة فی أطراف الدولة إلی الخلیفة،یقولون إن بیت المال یعج بالأموال و لا توجد له المصارف،فمن أین امتلأت خزائن بیوت الأموال لدی المسلمین-لیس من الضرائب و لا الجمارک و لا من رسوم المحاکم و القضایا-و لیس من الضرائب علی البارات،و الخمارات،و الملاعب و المراقص،إنما امتلأت هذه الخزائن بالأموال الطیبة التی أخرجها أصحابها طیبة بها أنفسهم،دون أن یکون من ورائهم أحد یحصل أو صوت یهدد،أو سوط یضرب أو أحد یؤمم،امتلأت بهذه الزکوات المبارکات حتی لم یوجد فی المسلمین من یستحق هذه الزکاة فالناس جمیعا یعملون و یکسبون فالله جل سلطانه الذی خلق السموات و الأرض و قدر فیها أقواتها لبلادیین البشر الذین یعمرونها فی أی وقت من الأوقات هو الله عز و جل الذی جعل فی تشریع الإسلام الاقتصادی ما یضمن لفقراء الأمة حیاة کریمة لیست کحیاة بعض الأغنیاء بل هی حیاة تحصل لهم ما یحتاجون إلیه دون أن یراق ماء الوجوه من تسول أو مسألة."