ملخص الجهاز:
"ثم یطرد معه ذلک الفتح بهذا الدعاء الذی ألهمه الله،فیسخر له ربه بعض القلوب من أهل یثرب فی موسم من مواسم الحج،و قد کانوا یسمعون بذکره من أهل الکتاب فی المدینة-الذین کانوا یقاتلونهم و یستفتحون به علیهم-فلما رأوه علموا أنه هو النبی المذکور و سارعوا الی الایمان به و ولوا الی قومهم مبشرین به حتی عادوا فی العام القادم و هم ضعف ما کانوا علیه أولا،و فی العام الثالث وصل عددهم الی خمس و سبعین و تمت المعاهدة بین الرسول و بین هؤلاء الوافدین علی أن یمنعوه مما یمنعون منه نساءهم و أبناءهم،و علی أن یظل و فیا لهم مهما نصره الله و أعلی شأنه.
اطمأن النبی-علیه السلام-بأصحابه فی ذلک البلد،و لکن أشقیاء قریش بمکة لم تهدا نفوسهم فأخذوا یناوشونه من أطراف الجزیرة و یؤلبون علیه و یتحرشون بأصحابه حتی أذن الله لهم فی الدفاع عن أنفسهم و جاء نصر الله و الفتح،ففتحت مکة أنفسهم و جاء نصر الله و الفتح،ففتحت مکة بعد أن نقضت قریش العهد الذی بینها و بین الرسول،و قامت دعوة الحق فی مکة نفسها،و حطمت الأصنام فیها و طهر البیت من الرجس و خلص لعبادة الحق، و خضعت اعناق طالما شمخت بأنوفها و أعرضت عن آیات ربها.
لقد کانت الأحکام المستنبطة من کتاب الله و سنة رسوله هی التی تسیطر علی هذه الرقعة الواسعة الممتدة فی أرجاء الأرض و تنظم أمرها برغم ما فیها من تباین فی النزعات و المیول، و لکن الاسلام علمنا فی هجرة الرسول و سیرته بین أصحابه المختلفی البیئة أن نتخذ منها الأسوة الحسنة و جعله لنا فی تشریعاته من المرونة ما یکقل لها الصلاحبة الدائمة."