ملخص الجهاز:
"یتم فی إطار ربانی أی اجتهادی مؤهل لأن یستوعب عوامل تحرک المجتمع و التاریخ استیعابا أقوی من کل النظریات الأخری و فی أعلی مستوی من معارف العصر،فالفکر الإسلامی بفضل منهجیته المبنیة علی التقوی یتجاوز العوائق الأبستمولوجیة أی العقبات التی بفرضها الواقع: و من یتقل الله یجعل له مخرجا (الآیة 02-سورة الطلاق) و یمکن الاسترشاد فی میدان العلوم الاجتماعیة بمنهجیة السید محمد باقر الصدر فی صیاغة النظریة الاقتصادیة و السیاسیة الإسلامیة باعتبارها منهجیة تجمع بین متطلبات النص و العلم و الواقع.
إن الشعوب الإسلامیة هی کغیرها من المجتمعات تخضع إلی قوانین عالم الشهادة کبقیة الناس،و قد حاول کثیر من المفکرین المسلمین المعاصرین قراءة جدیدة للقرآن للوصول إلی رؤیة فلسفیة لصیرورة المجتمعات عبر التاریخ، و الفکرة الأساسیة التی یؤکد علیها هؤلاء المفکرون هی أن القرآن لم یختزل سقوط الأمم و نهضتها فی عامل واحد بل فتح الباب لنظرة کلیة تتداخل فیها العوامل النفسیة و الاجتماعیة و الثقافیة و الاقتصادیة و السیاسیة،و معنی هذا فإن أی تفسیر لقضایا الأمة لا بد أن ینطلق من داخل شبکة الأحداث بکافة تعقیداتها و شمولیتها،و آلیة السقوط و الهلاک و النهضة اصطلح القرآن علی تسمیتها بالسنة، فلا مجال لتنبنی النظرة العاطفیة أو الأخلاقیة أو العفویة أثناء تحلیلنا لتاریخ الأمة.
إن معالم العلوم الاجتماعیة کما طرحها الفکر الإسلامی منذ جمال الدین الأفغانی إلی یومنا هذا تتجلی کانتقال من إشکالیة معرفیة إلی إشکالیة أخری أکثر منها عمقا من حیث طریقة الطرح و المنهج و الآفاق الواسعة التی تفتحها المفاهیم الإسلامیة للعلوم الاجتماعیة،بل یمکن القول بأنه علی الرغم من أن العلوم الاجتماعیة الإسلامیة لم تتجاوز بعد إطار المبادئ العامة،إلا أنها تعبر عن نهایة الإشکالیة المعرفیة الغربیة و عن بروز لإشکالیة معرفیة جدیدة تتمثل فی النموذج المعرفی الإسلامی81و هذا ما یسمی فی فلسفة العلوم بالقطیعة الأبستمولوجیة وهب المرحلة التی یحقق فیها العلم نقلة نوعیة فی تطوره."