ملخص الجهاز:
"الخناجر المعلقة بأحزمة وسطهم تذکره بتلک الغرفة القدیمة التی رأها فی حدیقة منزل السیاف بجوار حظیرة الدواجن و الطیور و الخرفان،ففور ان وطد السیاف علاقته بهم سمح لهم بزیارته فی منزله القدیم،و کشف عن تلک الغرفة الملیئة بالخناجر المقوسة اللامعة و الصدئة لصدیقه المعماری الذی لاحظ السیوف المعلقة باطوالها و احجامها المختلفة و الکثافة الثقیلة لحدید سلاحها،و تطلع مذهولا محاولا أن یمسک احدها فلم تسعفه قوته و ساعده الرجل فی تثبیت السیف مکانه.
بان للناظر عن قرب الرشاقة التی قفز بها السیاف من الخلف،و رأی حزامه الاسود العریض المخرم حول صدره و النطاق المحمل بسیفه حول الوسط،و علی قدر معرفته به لم یر قبل الان علی وجهه کل علامات الفرح و السعادة هذه،و لم یحاول الفهم لان الرعب الذی انتابه و القشعریرة قربا المسافة بین الذهول و الجنون حتی اختلطا تماما، و کاد یغمی علیه،أو ربما اغمی علیه دون ان یعی او یحس احد من هذا الجمع به فالصخب و ثبات وقفته بفعل ضغطهم علیه من جمیع الجهات اذابا کل احساس و اهتمام.
کأنه یقوم باستعراض تدرب علیه مئات المرات،فاخذ یجوب المکان بنظراته الحادة و القلقة، و لو تأخرت اشارة البدء قلیلا لاعطاها لنفسه و استشعر الجمع المحتشد قوة السیاف الذی بدا فی وقفته رشیقا،و جامحا،تملؤه الرغبة القویة فی سفک الدم و مشاهدته مندفعا،و حرکة السیف مع خطوته الأولی متناسقة فی هارمونیة راقص البالیه،و أشار بطرف عینه الجاحظة لمساعده الذی یقف بجوار المتهم و لا یحس به،فور ذلک رفع المساعد عصاه المدببة بسرعة ثم غرزها فی جانبه ارتفعت علی اثرها رأسه المنکسة ثم نکسها ثانیة، فاندفع المساعد و غرز عصاه فی مکان اکثر حساسیة و ابتعد ناطا عدة خطوات."