ملخص الجهاز:
"فاوروبا سوقها التجاری هو المغرب العربی، أما الیابان فلم ترکز علی منطقة معینة نظرا إلی غیاب البعد الاستعماری التاریخی الممیز الذی یضمن لها منطقة معینة، إلا أنها ترکت لجودة سلعها ونوعیة منتجاتها حریة التسویق وجاذبیة القابلیة للاستعمار الاقتصادی الجدید، بینما أمریکا حاولت هذه المرة استقراء الفلسفة البراغماتیة کضرورة لتحویل إسرائیل من منطقة سیاسیة ذات نفوذ کبیر إلی منطقة اقتصادیة تجمع بین المنتج والمستهلک، وذلک طبعا فی منطقة متراصة بالدول تکون فیها حریة التنقل وسرعة التصدیر والاستیراد کافیة لتحویل إسرائیل إلی أغنی دولة فی المنطقة، وإعطاء فرصة جدیدة لأمریکا بأن تکون صاحبة أکبر سوق فی العالم.
ومن هنا فإن الجانب العسکری لم یعد الشغل الشاغل لإسرائیل، وإن ما یهمها فی المستقبل أن تظهر قوة اقتصادیة لیس من المستبعد أن یبلغ طموحها لأن تکون بدیلا ثالثا أو رابعا أو خامسا للأسواق العالمیة الکبری، تنافس أمریکا وأوروبا والیابان مستثمرة فی ذلک البعد التاریخی لعلاقتها مع العرب والمسلمین لما قبل الإسلام وما بعده، وذلک بتغییر الجهاز المفهومی للخطاب العربی کإزاحة وحدة العالم العربی ووحدة العالم الإسلامی واستبداله بوحدة جغرافیة خالیة من الأبعاد الروحیة والثقافیة، وهو ما أطلق علیه «الشرق الأوسط الجدید» ممثلا فی خبراته وثرواته وأسواقه وأهمیته الجیو سیاسیة، ولا غرو إذن أن یبدأ مشروع الشرق الأوسط الاقتصادی والسیاسی والاجتماعی والثقافی والعسکری.
ولکن إسرائیل بوصفها القوة التی تراهن علیها أمریکا فی المنطقة لایمکن الاستغناء عنها حتی وإن بدت بعض الدول العربیة أکثر استعدادا وإخلاصا فی خدمة المصالح الأمریکیة، ذلک لأنه علی الرغم من أن «ریغان» أشار إلی أن مصر یمکن أن تکون علی استعداد لاتخاذ موقف مدافع عن المصالح الأمنیة الغربیة، إلا أن هذا الدور من وجهة نظره لا یمکن أن یکون بدیلا لوجود دولة إسرائیلیة قویة فی الشرق الأوسط."