ملخص الجهاز:
"الصورة الشائعة تقول: إن الصراع فی دارفور هو صراع عرقی بین القبائل العربیة والقبائل الإفریقیة: وإن القبائل العربیة تمارس إبادة جماعیة أو تطهیرا عرقیا ضد القبائل الإفریقیة؛ وإن هناک حملات منظمة للاغتصاب الجماعی للنساء علی مرأی من الرجال(!): وان الحکومة السودانیة ضالعة فی ارتکاب هذه الجرائم، أو التستر علیها بغض الطرف عنها، لأن الذین یرتکبونها هم فرق من میلیشیات الجنجوید الذین تسلحهم الحکومة، وهم ینتمون الی القبائل العربیة، وان ضحایا هذا الصراع المسلح جاوزوا الخمسین الف قتیل وملایین اللاجئین والنازحین والمشردین (لکل لفظ مدلوله الخاص فی القانون الإنسانی) فأصبحنا أمام أسوأ کارثة إنسانیة فی التاریخ(!) الإعلام الغربی یسوق هذه الصورة، والإعلام العربی، القابع فی جحر الضب، یروجها مجانا، ومجلس الأمن اتخذ حتی الآن (سبتمبر 2004) قرارین ضد السودان وقد یکون القرار الثالث فی الطریق!
ولکن الجفاف الذی اصاب إفریقیا، وخص السودان بنصیب کبیر منه، منذ اواسط السبعینیات حتی اواسط الثمانینات ادی الی ان تبدأ رحلات الرعاة من الشمال إلی الجنوب مبکرة عن مواعیدها المعتادة، وقل العشب فی الأرض (ارض المرحال) فأکلت الإبل والأبقار زروع المزارعین فی بعض الاراضی، واراد المزارعون الانتقام فحرقوا ما فی الارض من عشب وکلأ نکایة فی الرعاة وماشیتهم، او وسعوا نطاق زراعاتهم او الاراضی المحجوزة للزراعة اقتطاعا من ارض المراحیل، وتوالی الفعل ورد الفعل حتی ترتب علی ذلک نزاعات کثیرة وقع فیها قتلی من العرب والافارقة وعقدت الحکومة لتسویتها نحو (15) مؤتمرا للصلح بین المتنازعین انتهت کلها بتسویة النزاع وسداد دیات القتلی.
وقد قال لنا احد ابناء دارفور الذین قابلناهم فی الخرطوم ان جمیع مساجد العاصمة السودانیة فیها امام او مؤذن او خادم من اهل دارفور، فهؤلاء هم الذین یحافظون علی الثقافة هموم اسلامیة العربیة القرآنیة لیس فی السودان فحسب بل فی افریقیا جنوب الصحراء کلها."