أول الکلام: خیر الناس افتتاحية

ومهما اختلفت الأدیان والمذاهب والأعراف والتقالید فإنَّ الاختلاف لا یُزیل تلک الضرورات التی لا بدَّ وأن یمتلکها المجتمع. ویَعتمد هذا التوصیف وهذا التقییم فی الأساس علی الرؤیة التی تملکها هذه الجماعة فی البُعد النظریّ عن الصفات التی ینبغی أن یتحلَّی بها خیر الناس. ولیس اختیار خیر الناس مجرّد ترفٍ اجتماعیّ أو کمالٍ تنافسیٍّ مع الآخرین، بل ینعکس هذا الاختیار لخیر الناس بوضوحٍ علی سلوک الإنسان، فخیر الناس هو قدوة یجب السیر معه وخلفه، والاقتداء به، والتزام أمره، لأنَّه المصداق الأمثل لصورة الإنسان الأفضل. وخیر الناس هذا لا بدَّ وأن نوفّیه حقَّه، فنُری الناس المکانة التی له والمنزلة التی یستحقّها، وإلا کان تجاهله نوعاً من أنواع الظلم منّا. والمسلم الذی یعتنق هذا الدِّین اعتقاداً وسلوکاً، لا بدَّ وأن یتطابق اختیاره لخیر الناس مع تعالیم هذا الدِّین، ومع الأفکار والمفاهیم التی یدعو إلیها هذا الدِّین. وخیرُ الناس الذی عصی هواه وأطاع خالقه، وملک أمر نفسه فلم یدعها تبادر إلی الغضب، وبانت علیه علامات التقوی، فأصبح مجلسه یذکِّر الناس بالله عزّ وجل.