ملخص الجهاز:
عبارة تتردد أصداؤها فی نفوس الکثیرین ممن وصل بهم القطار إلی منتصف العمر فوجدوا أنفسهم مسمرین فی زوایا من خیارات محددة، حصروا أنفسهم فی إطارها، فعلقوا فی دوامة لا تنتهی فصولها من الحسرة علی أیام خلت، لم یعرفوا فیها حقیقة ما یریدون، ولم یتقنوا فیها فن اختیار الأنسب لهم فی مجالات الحیاة المختلفة .
یجلسون فی وجوم یرخی بظلاله علی ملامحهم المکفهرة، یصفقون بید علی ید فی إشارة إلی الحسرة التی ضاعوا فی متاهاتها، یشدّون بأکفهم علی جباههم دلیل الحیرة التی غرقوا فی مستنقعاتها، ینهضون فی ذبول وکآبة، یتحرکون فی تثاقل من الهمة والنشاط، یتکلمون بلغة تتقطع حروفها بغصة الألم والبکاء، یحدقون بنظرة الیائس الذی انطفأ بریق الأمل من ضیاء عینیه...
لو أن الزمن یعود..
باتت حجة عند هؤلاء للیأس والإحباط، وغطاء للخمول والکسل، ومدعاة للاستسلام للواقع الردیء، والرضی بروتین الحیاة القاتل، والوقوف مکتوفی الأیدی أمام عاصفة الظروف، والتبلّد فی المکان الذی یرقدون فیه باعتباره خط النهایة.
مساکین أولئک الذین لا یقفون مع ذواتهم وقفة تأمل وحساب، ووقفة إرادة وصلابة، وقفة یخلعون فیها لباس التصلب والجمود، و یخلصون فیها إلی نتیجة حاسمة بالعزم والانطلاق، فیرمون بالماضی إلی ما وراء ظهورهم، ویفتحون صفحة جدیدة من الأمل المتجدد بالقدرة علی التغییر والسعی إلی التطویر، ویعلنون رغبتهم العارمة فی الخروج من قمقم المعاناة إلی الهواء الطلق یتنشقون روح الحیاة التی لا طعم لها أو معنی من دون بذل کل ما بوسع النفس من جهد وعمل وطاقة وقدرة وموهبة للوصول إلی ما تصبو إلیه.
إذا کان النصف المنقضی من العمر یوحی بعبارة: لو أن الزمن یعود ..
فإن النصف الباقی یستأهل التغنی بعبارة :آن الأوان لأمجاد الزمن الآتی .