Abstract:
إنّ للثقافة الإسلامیة أثراً کبیراً فی أدیان العالم و فی المعتنقین بها، إذ هی ثقافة غنیة لاتتحدّد فی حدودها الإسلامیة بل تتجاوزها و تشمل الحدود البشریة کلها، فلا غرو فی أن تؤثّر فی الآخرین خارج الحدود الإسلامیة أو یتأثّر بها الآخرون فیُروُوا غلیلَهم لحاجات الدنیا و الآخرة.
الدراسات عن «الکومیدیا الإلهیة» لدانتی تدلّ علی أنّها تأثرت بالثقافة الإسلامیة و استقی من مَعینها، ثم إنّ عمل دانتی هذا، وقَفَ شامخاً بین أعمال من سبقوه و من جاؤوا بعده. أمّا التأثر هذا، فبدأ بعدما عرف الغرب شیئاً من معارف «معراج النبی» محمد صلوات الله علیه، إذ کان فی العصور الوسطی علی اتصال وثیق بالثقافة الإسلامیة و کان علماء أوروبیّون یسعون للتزود من مناهل تلک الثقافة. فیمکن القول بأنّ دانتی تأثّر بثقافة العالم القدیم و کذلک بثقافة القرون الوسطی، و یبدو أنّ عمله هذا، مدین للثقافة الإسلامیة التی کانت مسیطرة خلال القرون الوسطی.
تهدف هذه المقالة دراسة کتاب «تأثیر الثقافة الإسلامیة فی الکومیدیا الإلهیة لدانتی» لصلاح فضل، شکلاً و مضموناً، متّبعة لمنهج الوصفی- النقدی- المقارنی. فممّا یتّضح من شواهد هذا الکتاب، عند مقارنته بین «القرآن الکریم» و «قصة معراج النبی (ص)» من جهة، و «الکومیدیا الإلهیة» من جهة أخری، أنّ هناک شبهاً کبیراً بین هذه النصوص؛ الأمر الذی یدلّ علی أنّ دانتی لم یکن فی أثره بمنأی عن تأثّر بالثقافة الإسلامیة.
Machine summary:
فممّا يتّضح من شواهد هذا الکتاب، عند مقارنته بين «القرآن الکريم» و «قصة معراج النبي (ص)» من جهة، و «الکوميديا الإلهية» من جهة أخری، أنّ هناک شبهاً کبيراً بين هذه النصوص؛ الأمر الذي يدلّ علی أنّ دانتي لم يکن في أثره بمنأي عن تأثّر بالثقافة الإسلامية.
و علی ما يقوله المستشرق الأسباني؛ ميجيل آسين بلاسيوس: قد تأثّر دانتي في الکوميديا الإلهية بالإسلام تأثراً واسع المدی يتغلغل حتی في تصويره للجحيم و الجنة، فقد تبيّن لآسين أنّ ثمّت مشابهات وثيقة بين ما ورد في بعض الکتب الإسلامية عن معراج النبي صلی الله عليه و سلم فضلا عن مصادر إسلامية أخری تتحدث عن المعراج بصورة أدبية أو صوفية؛ الأمر الذي يدلّ دلالة قاطعة علی أنها تستمد جانباً کبيراً من مادتها من مصادر إسلامية (جمال الدين، لاتا: 23).
و ممن تناولوا الموضوعات و العناوين التي استعان بها دانتي لخلق أثره الکبير؛ الکوميديا، هو الکاتب المصري صلاح فضل (1) في کتابه «تأثير الثقافة الإسلامية في الکوميديا الإلهية لدانتي» و أثبت أنه تأثّر في هذا الأثر بالثقافة الإسلامية منها القرآن الکريم و معراج النبي الشريف (ص).
و هاک بعض ما ورد في هذا الکتاب: «من حق القارئ أن يعرف منذ الوهلة الأولی أنّ موضوع التأثير الإسلامي في الکوميديا الإلهية لدانتي ليس وليد اليوم، و إن کانت هذه أول مرة يعرض فيها بشکل واف باللغة العربية.
و لم يکن دانتي بحاجة إلی أن يطلع علی هذه المصادر الإسلامية کي ينقل فکرة العذاب بالزمهرير، فقد سيقت إليه مکتملة في قصة معراج محمد في الفصل الستين عند الحديث عن الزمهرير الذي يعصف بمنزل إبليس في الجحيم.