Abstract:
ابتدا الکاتب بحثه فی تقریر مقدّمات اربع لیخلص منها بیان الفارق بین الادب والخلق، وانّ للادب اقساما غرض البحث هو قسمها الثانی وهو الآداب الفعلیة للانبیاء، وانّ الاخلاق هی المنشا للآداب... ثم شرع فی ما هو غرض البحث لاجله وهو البحث فی سیرة الانبیاء واقفا علی بعض تفاصیلها –السلوکیّات الشخصیة لهم- لیستلهم منها دروسا وعبر متعدّدة، فسلّط الضوء فی فصول ثلاثة علی:
1ـ ادب الانبیاء مع الله کالخشوع والخضوع، والحزن واللجوء الیه وغیرها.
2ـ ادب الانبیاء مع انفسهم.
3ـ ادب الانبیاء فی الدعوة الی الله.
Machine summary:
غرض هذا البحث: إنّ المكانة الراقية التي وضع الله فيها أنبيائه، وحجم الثناء والتجليل الذي أسبغه عليهم لَيدفعنا للاهتمام بكلّ تفاصيل سيرتهم النّورانيّة؛ لما فيها من الخير الوفير الذي يأمله كلُّ من يرجو لقاء الله (بصفحة بيضاء ناصعة، وهذا ما نلاحظه جلياً من خلال قوله تعالى: {الَّذينَ آمَنُوا ولَمْ يَلْبِسُوا إيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وهُمْ مُهْتَدُونَ * وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكيمٌ عَليمٌ * وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ ويَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنا ونُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ ومِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وسُلَيْمانَ وأَيُّوبَ ويُوسُفَ ومُوسى وهارُونَ وكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنينَ * وَزَكَرِيَّا ويَحْيى وعيسى وإِلْياسَ كُلّ ٌ مِنَ الصَّالِحينَ * وَإِسْماعيلَ والْيَسَعَ ويُونُسَ ولُوطاً وكلاًّ فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمينَ * وَمِنْ آبائِهِمْ وذُرِّيَّاتِهِمْ وإِخْوانِهِمْ واجْتَبَيْناهُمْ وهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقيمٍ * ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ ولَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ * أُولئِكَ الَّذينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ والْحُكْمَ والنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرينَ * أُولئِكَ الَّذينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرى لِلْعالَمينَ}(الأنعام: 82-90) نعم..
ولا شكَّ في أنّ الحزن لفوات هذه الفرص من الآداب الجميلة، وهي من الشوق للخير، والتأسّف على ما بدر من تقصير وهو مما يدفع الإنسان للكمال، وخير مثال لما نحن فيه هو قصة نبي الله يعقوب فقد ورد أنّ سبب ما لاقاه من بلاء ومحن هو نتيجة مخالفته للأولى حيث جاء في رواية عن الثمالي، قال: صلّيت مع علي بن الحسين عليه السلام الفجر بالمدينة يوم جمعة، فلما فرغ من صلاته وسبحته، نهض إلى منزله وأنا معه، فدعا مولاة له تسمى سكينة، فقال لها: >لا يعبر على بابي سائل إلا أطعمتموه فإنّ اليوم يوم الجمعة قلت له: ليس كلّ من يسأل مستحقّاً؟ فقال: >يا ثابت، أخاف أن يكون بعض من يسألنا محقاً فلا نطعمه ونردّه، فينزل بنا-أهل البيت- ما نزل بيعقوب وآله، أطعموهم أطعموهم.