2 - أمم حائرة: طغیان المادة و ضعف الروح Journal Article

"إلی العلم ترجع الحضارة الصناعیة القائمة علی قوانین الطبیعة و الخارجة عن نفس الإنسان. وغایة قولی أن الفجوة بین العلم و الأخلاق،و مسافة الخلف‌ بین العقل و الروح من أسباب الاضطراب و القلق،و الضوضاء و الصحب و الشقاء،التی تحیط بالإنسان بعد أن سخر الأرض‌ و الماء و الهواء،فقد أعطی الإنسان بعقله و علمه ملکا عظیما، و سخر له العالم،و انقادت قوی الطبیعة،و لکنه لم ینل من‌ المعالی الروحیة،و الفضائل الإنسانیة ما یکافی‌ء هذا الملک،ویلائم‌ هذا السلطان،و لم یبلغ من العدل و الإحسان و العفة و أخواتها ما یسیر هذا الملک علی شریعة منصفة،و سنة قویمة،فکان کمن‌ أوتی ولایة لیس أهلا لها،و من ورث ثروة لا یحسن تدبیرها. ألا تری إلی قوی العقل و قوانین العلم کیف یوجهها العدوان‌ و البغی،و الشره و الجشع و الضلال و الحیرة،إلی تدمیر الحضارة و أهلها *** و لم یکف الأشرار عن الشر علی کثرة ما اخترعت الحکومات‌ من وسائل لأخذ المجرمین و تعقبهم و مراقبتهم،و علی کثرة ما أقامت من شرط و حرس و جیوش،و ما سنت من سنن‌ للمحاکمة،و قوانین للعقاب."