چکیده:
ﺇنّ الضحك والفكاهة من أغنى الأنواع الأدبية في الأدب عامة والأدب العربي خاصة، وتعدّ المقامات من أهمّ النصوص الفكاهية وبديع الزّمان الهمذاني هو الذي أحرز قصب السبق في هذا المجال. هذه الدراسة تعني بإحدى ألوان الفكاهة وهو التهكم وما يشتمل عليه في مقامات الهمذاني، كما تدرس الطرق التي استخدمها الهمذاني في إضحاك القارئ. كان الهمذاني حاد البصر، عميق النظر في تمييز الأمراض الاجتماعية في المجتمع العباسي مما جعله كطبيب أو معلم عالم واجبه اجتثاث جذور الأمراض وعلاجها بنقد غير مباشر بغاية تربوية إصلاحية. مما توصلنا إليه في هذا البحث الذى تم على ضوء المنهج التحليلي الوصفي أن الهمذاني هدفه الرئيس هو إصلاح المجتمع فيكثر من استخدام التهكم الاجتماعي والنفسي و يغمض العين عن التهكم الفردي، كما نقدم نوعا آخر من التهكم الذي وجدنا في مقامات الهمذاني وهو "التهكم الفكاهي".
خلاصه ماشینی:
"ب) التهکم النفسی ـ الاجتماعی استعانة بالتهکم الجسدی قائما علی المبالغة والتغافل فی المقامة المکفوفیة یروی عیسی بن هشام أنه بینما کان یجول فی أکناف بلاد الأهواز وصل إلی رقعة فسیحة من البلد فوجد فیها الناس مجتمعین علی رجل أعمی یخبط علی الأرض بعصا علی إیقاع غنج، وهو ینشد أشعارا فی وصف سوء حاله وشکوی زوجته ومطالبتها إیاه بالمهر وحین منحه ابن هشام دینارا میز الدینار بسرعة فیعلم الراوی أنه لیس أعمی بل یتعامی، فهنا یتهکم بجهل الناس ونفاقهم، بصورة غیر مباشر، من خلال تصویر الظواهر الاجتماعیة والنفسیة، ویلبس الکاتب علی وجه البطل لثام التعامی، وهذه الصفة یکنی بها عن بلاهة الناس وغفلتهم وهذا یعتبر نوعا من التغافل، ومبعث التغافل 3 هو فلسفة حیاة الإسکندری التی تتجلی فی أقواله هذه: إذا کان الدهر لا یواخی إلا الأدنیاء فاختر من الکسب الدون أی السافل لیوافیک الدهر کما وافی سائر الأسافل، وادفع عنک شدة الزمان بالحمق فإن الزمان زبون کالناقة التی ترفع بثفنات رجلها عند الحلب ولا تکذبک نفسک بما تمنیک من الشهرة بالعقل والوقوف عندما یحده ویرشد إلیه فإن العقل ما أودع فیک لیفیدک الخیر فی حیاتک والسعادة فی معیشتک ولا یأتیک بمثل هذه الفائدة إلا الجنون فهو العقل بعینه وهذا مذهب الشیخ أبی الفتح وعلیه کل مجنون (الهمذانی، 1889م، ص81)."