قالوا فی التقریب و الوحدة: دور التقریب فی الوحدة العلمیة الأمة مقاله

"دعانا القرآن الکریم إلی الوحدة بقوله تعالی: )یا أیها الذین آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، واعتصموا بحبل الله جمیعا ولا تفرقوا واذکروا نعمة الله علیکم إذ کنتم أعداء فألف بین قلوبکم فأصبحتم بنعمته إخوانا(([i]). والمسلمون کغیرهم من مخلوقات الله یتحقق فیهم الاختلاف والتنوع والتعدد فاختلفوا فی مذاهبهم العقائدیة والفقهیة بعد انقضاء عهد الرسالة، وباد الکثیر من تلک المذاهب، وبقیت واستمرت إلی زمننا هذا مذاهب أخری: حنبلی وشافعی ومالکی وحنفی من اهل السنة، وبقی المذهب الإمامی الاثنا عشری، وبقی المذهب الزیدی وأیضا المذهب الإباضی، وهذا الاختلاف یعتبره العلماء ثروة فکریة غنیة للحضارة الإسلامیة، تمنح المسلم فرصا واسعة لعملیة تطبیق الشریعة واختیار الأصلح والأرجح، بما لا یمس ما هو معلوم من الدین بالضرورة ولا یمس الأصول الثابتة المتفق علیها بین أطیاف المذاهب.. کل ذلک والأمر متسق مع البشریة ومع الدین ومع العقل والمنطق، إلا أن وما أشد تلک (الأن): أن یتحول ذلک الاختلاف وتلک الرحمة إلی تشدد طائفی ومذهبی؛ فهذا ما لا یقره الدین ولا یفهمه العقل، ذلک التشدد الذی من خلاله تتبادل عبارات، التکفیر والتفسیق والتبدیع وتزهق من خلاله روح الحوار، تلک خطورة ما بعدها خطورة نقضی بها علی أنفسنا ودیننا بیدنا قبل أن تکون بید عمرو."