چکیده:
خلصت هذه الدراسة إلى أن الشيكات المصرفية التي يتم تداولها في بيع وشراء الذهب والفضة إذا استوفت شرائطها المصرفية والقانونية- وعلى رأسهاوجود رصيد كاف يغطي قيمتها كاملة – تكون عندئذ نقودًا حكمية كحال النقود الورقية، حيث يجري تداولها بين المتعاملين كالنقود الورقية قبضًا وتظهيرًا، وهي في ذات الوقت تتوفر لها حماية قانونية داخل الدولة لا فرق في ذلك بين الشيكات العادية أو المصدقة أو السياحية.
وبناء على ذلك فإن بيع الذهب والفضة بواسطة الشيكات يكون صحيحًا لتحقق شرط القبض مع باقي الشروط الأخرى إذا اعتبرنا بقاء الثمنية قائمًا في الذهب والفضة الحلي، أما إذا أسقطنا اعتبار الثمنية فيهما وجعلناهما سلعة من السلع، فعندئذ يجوز بيعهما بالشيكات حتى لو لم يعتبر قبض الشيك قبضًا حقيقيًا، لأن البيع في هذه الحالة يقع من قبيل بيع العين الحالة بالثمن المؤجل وليس في هذه الصورة ما يخالف قواعد البيع في الشريعة، وهذا هو النظر الصحيح في الواقع التعاملي القائم اليوم الذي يقضي بأن الذهب والفضة الحلي ليس لهما صفة النقدية؛ إذ لم يعودا أثمانًا في عرف الناس وتعاملهم ولا ينظر الناس إليهما على أنهما أثمان كما كانا في العصور الأولى، بل أصبحا من عروض التجارة ويتعامل بهما على هذا الأساس.
فالذهب حينما يضرب على هيئة الدنانير يكون الغرض منه أن يجعل مقياسًا للقيم وواسطة لجلب السلع والمنافع، أما حينما يصاغ على هيئة الحلي فإن الغرض منه لا يكون عندئذ متوجهًا الى اعتباره ثمنًا أو معيارًا؛ إذ هو بالحلية المباحة وبالصنعة المباحة كذلك أصبح من جنس الثياب والسلع لا من جنس النقود لأنه بالصنعة يكون قد خرج عن مقصود الأثمان وأعد للتجارة، فلا يجري في بيعه الربا إذا بيع بغيره من السلع أو من النقود الورقية.
لهذا فإن بيع أو شراء الذهب والفضة الحلي بالنقود الورقية أو الشيكات المصرفية لا يعد من الصرف الذي يشترط فيه التقابض الحال في مجلس العقد، بل هو من قبيل بيع النقد بالعروض؛ إذ ان الشيكات اليوم تعتبر في نظر الناس وعرفهم وثقتهم بمثابة النقود الورقية، والله أعلم.