خلاصه ماشینی:
"و بغیة ان نصل إلی تحدید أدق لهذه المسألة، یمکن القول:ان النبوة الخاتمة تمثلت الأبعاد الأساسیة فی عالم التکوین،فأضحت هی الوجه الآخر الذی تجلت فیه سنة الله تعالی الکونیة، لأن تمام ما تشتمل علیه لیس إلا تعبیرا دقیقا لعالم التدوین عن عالم التکوین-حسب تعبیر الحکماء-،و بذلک تجسدت روح تلک السنة التکوینیة،متمثلة فی عناصر التحول و التجدید فی هذه الرسالة،و هذه العناصر هی التی میزتها عن غیرها من رسالات الأنبیاء(ع).
من هنا یمکننا ان نحدد بوضوح طبیعة الموقف من آراء و مفاهیم و نظریات العلماء و المفکرین الاسلامیین،التی حفلت بها آلاف المصنفات، منذ عصر الصحابة و التابعین إلی الیوم،فهل ان الموقف یقتضی المواصلة أم التجاوز؟و هل یمکن التصالح علی موقف تفکیکی إزاء التراث؟ قبل تحدید ماهیة الموقف،ینبغی ان ننبه إلی مسألة وقعت موردا للالتباس و سوء الفهم لدی طائفة من الباحثین من القرن التاسع عشر، و تتمثل هذه المسألة فی ضرورة التمییز بین مستویین من الموروث الاسلامی: -المستوی الأول:موروث مقدس منتج للتراث:و هو القرآن الکریم بتمامه،و الصحیح من السنة الشریفة فقط.
و هذا لا یعنی ان هذه المعارف تصدر کلها عن رؤیة الوحی و تتطابق مع کلمات الله الخالدة،فقد أشرنا إلی ان الموقف الصحیح للتعاطی معها فی سیاق مقتضیات العصر یتطلب التواصل مرة، و التجاوز أخری،و ربما القطیعة،کما فی بعض المشاغل التقلیدیة لشیء من مباحث الفلسفة الاسلامیة التی استهلک فیها العقل المسلم فی مشکلات افتراضیة و موهومة فیها غیبت من ورائها بعض المشکلات الأساسیة فی الحیاة الاسلامیة."