چکیده:
إن اكتشاف شخصية سعدي الأدبية و معرفة مسيرته الكاملة للأثر العربي في أدبه لا
يتحققان بصورة كلية عند دراسة آثاره الأدبية في اللغة الفارسية فحسب، بل لا
يتمانِ إلاّ بدراسة نتاجِه العربي المتمثّلِ في أشعاره العربية جنباً الى جنب دراسة
نتاجه الفارسي. و لسعدي في لغة الضاد أغراض شتّى كالمدحِ والوعظ والتوحيد
والمناجاة والرجاء والرثاء. وله في الغرض الأخير قصيدةٌ فريدةٌ من بين أشعاره
العربية، تستحق إفراد مساحةٍ خاصةٍ بها وهي قصيدته الرائية ومرثيته التي قالها في
خراب بغداد ومقتل الخليفة وضياع الخلافة العباسية. وقصيدتُه الرائعةُ هذه التي
أنشأها بعد خراب بغداد على أيدي التتار، هي من أروع أشعاره العربية، فنياً أو
شعرياً أو عاطفياً أو بكل المقاييس. و من ناحيةٍ أخرى هي أطولُ قصائده، سواء
الفارسية منها أو العربية، والتي نرى أنها لم تأخذ حقّها من الذكر والإشارة أو التدقيق
و التمحيص. فقد كان لثقافة سعدي القرآنية كمصدر أساسي، أثر كبير و دور فعال
بأسلوب يمكّنه من التعبير عن شتّى أغراضه وتجاربه ومختلف أفكاره وأهدافه .
فاستعان بمعجم مفردات القرآن الثري واستلهم صوره وإشاراته، و وعى نصه
وأسلوبه. و تشتمل قصيدته على محسنات تتّسم بالفصاحة و البلاغة و الروحانية و
الجمال، لما تحويه من مضامين سامية و مسائل اجتماعية مختلفة، و هو يدرك
جيداً مهمته الأخلاقية و الإجتماعية و الدينية . فقد لجأ سعدي الشيرازي إلى
استخدام موروثه الثقافي العربي الذي اكتسبه من تتلمذه في مد ارس البلاد العربية
ومراكز تعليمها وتجواله وسياحته في سائر البلدان، كما يبدو تأثير الثقافة العربية
القديمة فيه واضحاً باستخدامه لأساليب التعبير العربية.