چکیده:
إنّ ظاهرة استدعاء الشخصیّات التراثیّة من أهمّ الظواهر التي أثرت في القصیدة المعاصرة ﻋﻠی ﻧﻄﺎﻕ ﻭﺍﺳﻊ وعمّقت دلالاتها المتنوّعة أكثر من عمقها الظاهر. إنّ الرافد الدینيّ من أغنی الروافد السخیة الخصبة في حقل المصادر التراثیّة الّتي استمدّ منه الشاعر محمود درویش لیغترف من أغوار الماضي ویصل به حاضره معبّراً عن مشاعره البناءة المستشرفة للمستقبل المأمول الوصول إليه. هذا المقال بالاعتماد علی المنهج الوصفي والتحلیلي یهدف إلی دراسة شخصیّات الأنبیاء(ع) المختارة المستدعاة عند محمود درویش والتعبیر عمّا تحمله هذه الشخصیّات الدینیّة من معان ودلالات رمزیّة
خلاصه ماشینی:
استدعاء الشخصیات هو أحد عناصر التراث ومعطی من معطیاته وتقنیة استدعاء الشخصیات التراثیة تعد إحدی الوسائل التعبیریة التی یلجأ إلیها الشاعر المعاصر؛ لتحدیث بنیة القصیدة العربیة قصد الوصول إلی تشکیل رؤاه للعالم وللکون والتعبیر عما یحس به من معاناة أمته العربیة وأزمتها، الأمر الذی یدل علی مآذق الإنسان العربی فی عالمنا المعاصر(نظری وولیئی، استدعاء شخصیات الشعراء فی شعر محمود درویش: 23؛ منقولا عن عبدالرحیم حمدان: 3).
آدم وحواء(ع)= الفلسطینی والفلسطینیة صور الشعراء الفلسطینیون عمق الصراع الإنسانی من خلال شخصیتی آدم وحواء وقفوا أثناء ذلک أمام معاناة وجودیة وتجربة إنسانیة مؤثرة، ورصدوا تلک المعاناة عبر الزمن؛ ودرویش واحد من أهم الشعراء الفلسطینیین الذی استأنس بهاتین الشخصیتین؛ لما لمسه من قواسم نفسیة مشترکة تصطدم بوجدانه وتقارب أفکاره؛ مما أکسب النص المبتدع ملامح خاصة، تجمع ما بین النصین المتماسین وتتصل بالذاتی والاجتماعی والإنسانی فی آن وتقارب بین الشخصیات الإنسانیة عبر أزمنة متباعدة؛ وذلک بإیجاد صفات مشترکة بینهما تثیرها بعض المعالم والظروف المتصلة بآدم وحواء ومن تلک المعالم حقیقة الخلق؛ إذ استلهم درویش هذه الفکرة لیعبر عن الوجود الفلسطینی وقوة التلاحم بالأرض التی جبل منها وکانت له مکان وجود؛ إذ یقول: هنا، لا أنا یتذکر آدم صلصاله سیمتد هذا الحصار إلی أن نعلم أعداءنا نماذج من شعرنا الجاهلی (درویش، حالة الحصار: 11) ههنا معرکة للبقاء والبقاء أی یکون لک هویة لتدل علیک وعندما تحصل علی ما یدل علیک، سیکون من المریع فقدانه؛ لأن ذلک یعنی الضیاء واللاوجود(شاهین، التلقی والنص الشعری: 19).